خطأ إعراب قوله (إنّ هذان ‌لساحران)

ان هذان لساحران 



شبهة وجودَ خطأ نحوي في قوله تعالى ﴿ إِنّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ

سورة طه: الآية 63 

 زعم المشككون أن الآية يجب أن تكون: (إنّ هذين لساحران)؛ لأن "هذين" اسم (إنّ) ويجب أن يُنصَب بالياء، وحيث إنه بالألف في الآية فهو مرفوع، وهذا خطأ؛ لأنه لا يجوز أن يُرفع اسم "إنّ "

الجواب على خطأ إعراب (إنّ هذان ‌لساحران)

" إنّ " قد تكون بمعنى " نعم"

إنّ: حرف جواب بمعنى نعم . قال الشاعر :
" بكر العواذل في الصبا ح يلمنني وألومهنّه
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت: إنّه "
أي (نعم).
وقال ابن الزبير لمن قال له : لعن الله ناقة حملتني إليك : 
" إنّ وراكبها " 
أي نعم ولعن راكبها (كتاب المغني 1/76).
وقال سيبويه: " وأما قول العرب في الجواب (إنّه) فهو بمنزلة أجل ، وإذا وصلت قلت : إنّ يا فتى وهي التي بمنزلة أجل (كتاب سيبويه 1/474)" وهي قليلة الاستعمال.
وقال برجشتراسر: هي أقدم أدوات الإيجاب، وهي في العبرية he’n وفي الآرامية e’n (التطور النحوي 110).
إي: بكسر الهمزة وسكون الياء وهي مثل (نعم) غير أنها لا تقع إلا قبل القسم فتكون تصديقاً للمخبر ووعداً للطالب وإعلاماً للمستفهم، يقال: قد زارك ابراهيم ، فتقول: إي والله.
ويقال:زرنا كثيراً، فتقول : إي لعمري.
ويقال: هل جاء محمد؟ ، فتقول إي وربي.
قال تعالى (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53) يونس)
فالفارق بينها وبين (نعم) إنّ (إي) لا تكون إلا قبل القسم و(نعم) تكون مع القسم وغيره (المغني 1/76، الهمع 2/71، المفصل 2/203).
قال برجشتراسر: و(إي) من الأصوات (التطور النحوي 110).

تفسير القرطبي في قوله  تعالى (قَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَٰنِ ‌لَسَٰحِرَٰنِ يُرِيدَانِ أَن يُخۡرِجَاكُم مِّنۡ أَرۡضِكُم بِسِحۡرِهِمَا) 

 قوله تعالى: (إنْ هذان ‌لساحران)
-قرأ أبو عمرو" إنّ هذين ‌لساحران"
وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف
-وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم: في رواية حفص عنه:
"إِنْ هذانِ " بِتَخْفِيفِ" إِنْ" " ‌لَساحِرانِ". وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ سَلِمَتْ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمُصْحَفِ وَمِنْ فَسَادِ الْإِعْرَابِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهَا مَا هَذَانَ إِلَّا سَاحِرَانِ
-وَقَرَأَ الْمَدَنِيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ:" إِنَّ هَذَانِ" بِتَشْدِيدِ" إِنَّ" ‌لَساحِرانِ" فَوَافَقُوا الْمُصْحَفَ وَخَالَفُوا الْإِعْرَابَ.
قَالَ النَّحَّاسُ: فَهَذِهِ ثَلَاثُ قِرَاءَاتٍ قَدْ رَوَاهَا الْجَمَاعَةُ عَنِ الْأَئِمَّةِ
وقيل أن يكون" إنْ" بمعنى نعم، كما حكى الكسائي عن عاصم قال: العرب تأتي ب"- إنْ" بمعنى نعم، وحكى سيبويه أنّ" إنْ" تأتي بمعنى أجل، وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد وإسماعيل بن إسحاق القاضي يذهبان، قال النحاس: ورأيت أبا إسحاق الزجاج وعلي بن سليمان يذهبان إليه.
-وروي عن عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، قَالَ: 
لَا أُحْصِي كَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِهِ:" إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ" ثُمَّ يَقُولُ:" أَنَا أَفْصَحُ قريش كلها وأفصحها بعدي أبان ابن سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ"
 قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَفَّافُ قَالَ عُمَيْرٌ: إِعْرَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَالنَّحْوِ" إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ" بِالنَّصْبِ إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ" إِنَّ" فِي مَعْنَى نَعَمْ كَأَنَّهُ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح في خُطَبَهَا بِنَعَمْ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي مَعْنَى" نَعَمْ" :
قَالُوا غَدَرْتَ فَقُلْتُ إِنَّ وَرُبَّمَا … نَالَ الْعُلَا وَشَفَى الْغَلِيلَ الْغَادِرُ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسُ الرُّقَيَّاتِ:
بَكَرَ الْعَوَاذِلُ فِي الصَّبَا … حَ يَلُمْنَنِي وَأَلُومُهُنَّهْ
وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلَا … كَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ


فَعَلَى هَذَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" إِنّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ" بِمَعْنَى نَعَمْ وَلَا تُنْصَبُ.

شاهد فيديو جواب د.فاضل السامرئي على شبهة "ان هذان لساحران"

تعليقات