حكم الأغاني والشعر والموسيقى



حكم الغناء   

الموسيقى والأغاني في الاسلام : 


أنواع الأغاني :

 الأغاني قسمين: 
1-قسم محرم لذاته ،
 وهو الذي كلماته حرام،
أو الذي يصاحبه كشف عورات النساء .
والقسم الثاني محرم لغيره: 
أي حين ينشغل به فيلهي عن ذكر الله ، كالتجارة مثلا ليست حراما في ذاتها الا اذا كانت في الخمر ، ولكنها تكون محرمة حين تلهي عن ذكر الله وعن الصلاة بنص القرآن،
ولكي لا تكون ملهاة عن ذكر الله ،واستيلاءً على القلب، فوجب أن لايكون سماعه كثير.
لذا فالقسم الثاني لابأس بقليله ، أما الأول فكثيره وقليله حرام.

معنى وتعريف الغناء :

* الكلمات الحرام :التي تخالف أمراً من أمور العقيدة أو تدعو الى محرم فتتغزل في عيون وجسد أمرأة أجنبية مثلا.
* ومن الخطأ ان تسأل عن حكم الغناء أو تقول ان الغناء حرام ،
لأن الغِناء هو مصدر من غَنَّى يُغَنِّى غِناءً ، وهو أن تمد الحروف وتتغنى بالكلمات على نحو تحسينها وتنغيمها وتحسين صوتك، فكيف يصير هذا حراما ؟، خاصة وأنت تتغنى بالقرآن كما ذكر الحديث الشريف
لكن الصواب والصحّ ان تسأل عن حكم الأغاني أو تقول ان الأغاني حرام او حلال ، أي الأشعار المُغنّاة .في صحيح البخاري : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ). وأخرجه مسلم .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ ).
فتلاوة القرآن ليست كما يتكلم الناس بكلامهم حين يخاطب بعضهم البعض ، لكن تلاوة القرآن تكون بشيء من التغني أن ترفع الصوت وتحسنه وتنغم الكلمات وتمُدّها .
عن الربيع عن الشافعي أَنه قال معنى الحديث: تَحْسِينُ القِراءةِ وتَرْقِيقُها قال ومما يُحَقّقُ ذلك الحديثُ الآخرُ (زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم ) رواه أبو داود في سننه عن البراء بن عازب، وصححه الألباني .
قال أبو عبيد وقال أَبو العباس الذي حَصَّلْناه من حُفَّاظ اللغة في قوله صلى الله عليه وسلم (كأَذَنِه لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ) أَنه على مَعْنَيَيْنِ على الاستغناء وعلى التَّطْرِيبِ.
قلت.معنى الاستغناء مستبعد هنا وانما هو التطريب وتحسين الصوت بدليل قوله في أول الحديث ((لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لِشَيْءٍ)
قال القاسم بن سلام: يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبيٍ يتغنى بالقرآن ، حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) قال : سمِعَتْ . أو قال : استمعت . يُقال : أذنتُ للشيء ءآذَنُ له أذَناً : إذا استمعتُه .وقال البغوي : قوله (ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه) يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه


قاعدة: الحلال والمباح حين يُلهيك عن ذكر الله وعن الصلاة فقد صار حراما:

 يقول الله تعالى في سورة المنافقين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ )

حكم الأغاني بكلام غير حرام وفي أوقات متباعدة :

 في صحيح البخاري :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ :مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ دَعْهُمَا)
قالت: فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا قَالَ (تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ) فَقُلْتُ نَعَمْ.
فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ : (دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ ) حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ ،قَالَ: ( حَسْبُكِ)
قُلْتُ: نَعَمْ . قَالَ: ( فَاذْهَبِي ).

شرح حديث المغنيتان :

قال الامام ابن حجر في فتح الباري (ت 852 هـ ):
قوله : ( جاريتان ) زاد في الباب الذي بعده ( من جواري الأنصار)
قوله : ( تغنيان ) زاد في رواية الزهري " تدففان " بفاءين أي تضربان بالدّف، ولمسلم في رواية هشام أيضا " تغنيان بدف " وللنسائي " بدفين " والدف بضم الدال على الأشهر وقد تفتح، ، وفي حديث الباب الذي بعده ( بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث ) أي قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء، وللمصنف في الهجرة ( بما تعازفت ) من العزف وهو الصوت الذي له دوي .
وفي رواية ( تقاذفت) وهو من القذف وهو هجاء بعضهم لبعض،
وبُعاث : هو موضع من المدينة على ليلتين .قيل: هو اسم حصن للأوس . وقيل هو مزرعة .
قال الخطابي : يوم بعاث يوم مشهور من أيام العرب كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج، وبقيت الحرب قائمة مائة وعشرين سنة إلى الإسلام على ما ذكر ابن إسحاق وغيره .
قوله : ( فانتهرني ) وفي رواية الزهري ( فانتهرهما ) أي الجاريتين، ويجمع بأنه شَرَك بينهن في الانتهار والزجر، أما عائشة فلتقريرها، وأما الجاريتان فلفعلهما .
قوله : ( مزمارة الشيطان ) بكسر الميم يعني الغناء أو الدف، لأن المزمارة أو المزمار مشتق من الزمير وهو الصوت الذي له الصفير، ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء، وسميت به الآلة المعروفة التي يزمر بها، وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي، فقد تشغل القلب عن الذكر .
قوله : ( فأقبل عليه ) في رواية الزهري ( فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه) " وفي رواية فليح ( فكشف رأسه )وقد تقدم أنه كان ملتفا .
قوله : ( دعهما ) زاد في رواية هشام ( يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا )
ففيه تعليل الأمر بتركهما، وإيضاح خلاف ما ظنه الصّدّيق من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه صلى الله عليه وسلم لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه فظنه نائما فتوجه له الإنكار على ابنته من هذه الأوجه مستصحبا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو، فبادر إلى إنكار ذلك قياما عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مستندا إلى ما ظهر له، فأوضح له النبي صلى الله عليه وسلم الحال، وعرفه الحكم مقرونا ببيان الحكمة بأنه يوم عيد، أي يوم سرور شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس، وبهذا الجواب، يرتفع الإشكال عمن قال : كيف ساغ للصديق إنكار شيء أقره النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وقال القرطبي : قولها ( ليستا بمغنيتين) -يقصد عائشة رضي عنها- أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعْر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة لا يختلف في تحريمه،
قال : وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى .
وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين .
أقول :يستنبط من هذا الحديث جواز الأغاني الوطنية والحماسية ، وأغاني المناسبات كالأعياد والأفراح وأغاني الأطفال .

دليل آخر على ذمّ التكثير من سماع وأداء الأغاني

كما أوضحنا أن الأغاني هي أشعار مؤداة بطريق التغني ، فما موقف الشرع من الشعر ؟
أخرج البخاري في صحيحه في باب / مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الغَالِبَ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ، حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالعِلْمِ وَالقُرْآنِ/
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا)
أخرجه مسلم ،
وأخرجه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: (بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا "

حكم الموسيقى

وختاما يتبقى أمراً متعلق بالموضوع وهو الموسيقى أو كما يقال آلات العزف خاصة عندما تكون مجردة بدون كلمات من شعر .أقول :الموسيقى الخالصة بدون أشعار ما هي إلا أصوات ونغمات شأنها شأن أصوات الطيور وغيرها من المخلوقات التي لا نفقه ماذا تقول ، وكشأن صوت الرياح أو صوت الماء حين يجري .
وترخيص الدفّ من قبل القائلين بتحريم الموسيقى شيء عجيب فكلها يجمعها انتاج الأصوات .
ولا يوجد في كتاب الله أو السنّة نص صريح في التحريم .
ولأنّ كل شيء له هدف وغاية وتأثير ، فان كان الغاية من تأليف الموسيقى هو الترويح ومحاكاة ومشابهة الأصوات والنغمات اللطيفة للطيور فلا بأس بسماعها وفي حدود القدر المقتصد من الوقت .
أما إنْ كان يراد بالموسيقى الحثّ على الرقص مثلا والتمايل بما ينافي وقار الرجل ، ويخدش حياء المرأة فهو مردود وغير مقبول ،
أو يكون لها أصوات ضجيج صاخبة مؤذية للسمع والنفس فقد قال الله تعالى : (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) لقمان
والله أعلى وأعلم .
تعليقات