الفخر والظلم :
أعجب شيء وأحقره ،هو الفخر بالآباء الأقربين، وظلم الآخرين ،الناس في أعرافهم أن الأخ ما ينبغي له أن يظلم أخيه من أبيه الذي هو والده ، في الوقت الذي هم فيه يظلمون الآخرين ويعتدون عليهم وهم إخوتهم لأبيهم آدم عليه السلام ،
ويفخر الواحد منهم على صاحبه قائلا : من أنت ؟، فأمّا أنا، ابن فلان ابن كبير المقام سليل الباشوات ، ساكن القصور والشاليهات،
صاحب الأطيان والعقارات.
وينسى أنه وصاحبه ، أخوة لأبيهما آدم الذي خلقه الله بيديه وأسجد له الملائكة واسكنه الجنة .
وصية الله :
يقول الله لهم ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء 1قول العلماء والحكماء :
قال الطبري : يعني بقوله تعالى ذكره : احذروا، أيها الناس، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به .
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة ، وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة، وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى ،وعاطفًا بذلك بعضهم على بعض، ليتناصفوا ولا يتظالموا، وليبذُل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له ،
فقال:"الذي خلقكم من نفس واحدة"، يعني: من آدم .
وقال الرازي :
و التكليف بالتقوى غير مختص بأهل مكة ، بل هو عام في حق جميع العالمين ، وإذا كان لفظ الناس عاما في الكل ، وكان الأمر بالتقوى عاما في الكل ، وكانت علة هذا التكليف ، وهي كونهم خلقوا من النفس الواحدة عامة في حق الكل ، كان القول بالتخصيص في غاية البعد لأسباب:أحدها: أن لفظ الناس جمع دخله الألف واللام فيفيد الاستغراق .
وثانيها : أنه تعالى علل الأمر بالاتقاء بكونه تعالى خالقاً لهم من نفس واحدة ، وهذه العلة عامة في حق جميع المكلفين بأنهم من آدم عليه السلام خلقوا بأسرهم ، وإذا كانت العلة عامة كان الحكم عاما .
وثالثها : أن التكليف بالتقوى غير مختص بأهل مكة ، بل هو عام في حق جميع العالمين ، وإذا كان لفظ الناس عاما في الكل ، وكان الأمر بالتقوى عاما في الكل ، وكانت علة هذا التكليف ، وهي كونهم خلقوا من النفس الواحدة عامة في حق الكل ، كان القول بالتخصيص في غاية البعد .
الله تعالى علل الأمر بالاتقاء بكونه تعالى خالقاً لهم من نفس واحدة ، وهذه العلة عامة في حق جميع المكلفين بأنهم من آدم عليه السلام خلقوا بأسرهم ، وإذا كانت العلة عامة كان الحكم عاما .
قوله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ )
أي اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوهااعلم أن التساؤل بالله وبالأرحام قيل هو مثل أن يقال : بالله أسألك ، وبالله أشفع إليك ، وبالله أحلف عليك ، إلى غير ذلك مما يؤكد المرء به مراده بمسألة الغير ، ويستعطف ذلك الغير في التماس حقه منه أو نواله ومعونته ونصرته ،
والتقدير : واتقوا الله واتقوا الأرحام ،
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْأَرْحامَ ) الرَّحِمُ اسْمٌ لِكَافَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ.
(إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) : أَيْ حَفِيظًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ.
وقال ابْنُ زَيْدٍ: عَلِيمًا. وَقِيلَ: (رَقِيباً) حافظا، قِيلَ: بِمَعْنَى فَاعِلٍ.
فَالرَّقِيبُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالرَّقِيبُ : الْحَافِظُ وَالْمُنْتَظِرُ، تَقُولُ : رَقَبْتُ أرقب رقبة ورقبانا إذا انتظرت