الشفاعة بين النفي والإثبات

الشفاعة عند الله : 

الخلاف في الشفاعة بين النفي والاثبات :

ذهب بعض من المسلمين بنفي الشفاعة لأنها تشبه المحسوبية وعدم التكافؤ ،وفيها ظلم وعدم مساواة بين المكلفين.
وجمهور العلماء قد أثبت الشفاعة لورود أخبار وأحاديث فيها .
والحق والصواب إنما يدور بين القولين ، كيف هذا ؟ هذا مانسبينه مفصلا وبالأدلة .

نوعي الشفاعة :

حيث أنّ الشفاعة المثبتة غير الشفاعة المنفية، بمعنى أن الشفاعة بمفهومنا والتي يعرفها الناس في حياتهم الدنيا هي منفية في حق الله ،ولا تجوز ،
أما الشفاعة المثبتة فهي مختلفة ولا تشبه شفاعة الناس بينهم.
وسنضرب لذلك مثلا في الشفاعة المنفية من دار الدنيا ،
في حياتنا نرى حملات المرور وضبط مخالفة السيارات لتعليمات المرور من زيادة سرعة المركبات أو انتهاء رخصة القيادة وغيرها من المخالفات،
فاذا ضُبط أحد الأشخاص بمخالفة احد التعليمات ثم أراد ضابط الشرطة بتحرير المخالفة وايقاع العقوبة ،
راح الشخص المخالف يتصل بأحد القيادات الكبرى ليشفع له عند ضابط الحملة فلا يطبق العقوبة ،
ثم إذا بمكالمة من هذه القيادة الكبيرة يتصل بضابط الحملة لكي يلغي تنفيذ عقوبة تلك المخالفة ،
فيقوم هذا الضابط الصغير والمغلوب على أمره باعادة رخصة القيادة لذلك الشخص المخالف على غير رغبته وهو كاره لتلك الشفاعة .أقول هذه الشفاعة بهذه الصورة بالطبع هي منفية في حق الله تعالى ، لماذا؟
أولا: لأن الله ليس فوقه شيء سبحانه ولايعلوه أحد من خلقه .
ثانيا : ولأن عِلْم الله بما يحدث وسيحدث .
ثالثا: ولا أحد يُكْرِهَ الله سبحانه تعالى على أمر لايريده.
رابعا: ولأن مشيئة الله فوق كل مشيئة وارادته نافذة .
مثال الشفاعة المثبتة :فسنضرب لها مثلا وستكون أيضا في نفس سياق القصة المتقدمة لكن بسلوك وشكل مختلف ،
فلو افترضنا أن أكبر وأعلى المناصب والقيادات في المرور هي التي تقوم بضبط وتحرير المخالفات وتوقيع العقوبات ،
ثم اذا بالشخص المخالف والواقف بين يدي تلك الرتبة الكبيرة ،
في هيئة وحالة قد أثّرت في نفس تلك القيادة الكبيرة ورقّ قلبه له ،
فهمس في معاونه والذي يقوم بتحرير المخالفات قائلا: يبدو ان هذا الشخص غلبان وليس في مقدرته دفع قيمة المخالفة وهو يشير اليه،
فيرد المعاون مؤكدا تلك المعلومة والملحوظة انه يعرف هذا الشخص وأنه يعول أسرة كبيرة ووالديه الكبيرين،
ثم يقوم هذا المعاون برفع المخالفة وتنفيذ رغبة القيادة الكبيرة باعفاء هذا الشخص من المخالفة .
ولله المثل الأعلى فلو شبهنا هذه القيادة الكبيرة بجلال الله ومقامه سبحانه ، وأن المعاون هو أحد انبيائه ورسله أو أحد من ملائكته المقربين، فهي مثال للتلك الشفاعة المثبتة ،
حيث أنّ الشافع الحقيقي في المثل الثاني هو الله وليس المعاون له ،
فالله هو الذي علم حال الشخص المخالف وسيرته وعمله ،
ثم أذن الله واستعمل أحداً من خلقه ليكون سببا في تنفيذ ما أراد هو سبحانه من العفو والمغفرة .

حقيقة الشفاعة :


 أنها محض رحمة من الله وفضل لعباده الذين آمنوا وأقروا بتوحيده وبأوامره ونواهيه لكنهم قصرت أعمالهم،
فلم تبلغ بهم حد تكفير الذنوب وانخفضت كفة الحسنات أمام كفة السيئات،
فَشَفّعها المولى سبحانه بكرمه ورأفته .
فهذا مثلان وقصتان لتقريب الشفاعة المنفية والشفاعة المثبتة .
النصوص والأدلة والشرعية من الكتاب :
يعتقد البعض خطأً أن الشفاعة مثبوتة فقط بطريق الخبر والحديث
وأن القرآن ينفيها،ولكننا سنبين بالأدلة أنها ثابتة قطعاً في كتاب الله.

أولا: حقيقة الشفاعة وتعريفها :

هي طلب وسؤال رفع عقوبة الذنب،
أي هي طلب المغفرة أي هي الاستغفار ،
وتكون في الحياة الدنيا ، وفي يوم القيامة.
ونوع شفاعة أخرى :هي منع القضاء والبلاء ، وهذه في الحياة الدنيا .
ومعناها اللغوي : من الشفع وهو الزّوْج خلاف الوتر ،
وأن تشفع للمرء ، أي حين يأتى هو وترا منفردا ، ثم أتيت أنت معه شافعا له وانضممت له بعد ان كان لوحده فردا .

من هم الشافعون ؟

1- حملة العرش والملائكة المقربون .
2- عموم الملائكة.
3- الأنبياء والمرسلون .
4- الأعمال الصالحة.
5- المؤمنون.
6- الشاهدون.

* من هم المستفيدون من الشفاعة ؟

الاجابة : هم المؤمنون .
أما الكافرون فلا شفاعة لهم ،قال تعالى حكاية عن المكذبين بيوم الدين (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) المدثر

الله هو الشافع 



، قال (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)

نصوص في الشفاعة المنفية والشفاعة المثبتة

قال تعالى (لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) مريم
وقال (يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا) طه
وقال (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) سبأ
وقال (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى )النجم
وقال (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) البقرة

**طلب الله من أنبيائه ورسله أن يشفعوا للمؤمنين

قال (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) آل عمران
وقال (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) محمد
وقال (ولَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا )النساء

شفاعة حملة العرش

قال تعالى (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) غافر
وقال (وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) النحل والتحريم ، فالله أمر ملائكة العرش وغيرهم بالشفاعة للمؤمنين .

 وشفاعة عموم الملائكة

قال (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) الأنبياء

 وشفاعة الأنبياء

قال (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا) نوح

وشفاعة المؤمنين

قال (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) الحشر

شفاعة الأعمال:

-وقال تعالى (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الاسراء ،
وقال (أَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) الكهف
-رَوَى التِّرْمِذِيُّ وأحمد والحاكم عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " إِنَّ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَةً ،شَفَعَتْ لِرَجُلٍ ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنَ النَّارِ وَأَدْخَلَتْهُ الْجَنَّةَ "
قال الترمذي: هذا حديث حسن .قال الشيخ الألباني : حسن .والحديث بلفظ الحاكم وصححه الذهبي.
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
( اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، اقرءوا الزهراوين : البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجّان عن أصحابهما )
وقال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق
في الحديث (لا يرد القضاء إلا الدعاء و لا يزيد في العمر إلا البر ).
رواه الترمذي والحاكم عن سلمان . تحقيق الألباني
( حسن ) انظر حديث رقم : 7687 في صحيح الجامع .

شفاعة الأشهاد

قال تعالى (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) غافر
قال (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النور ، سواء بالخير أو بالسوء

 النهي عن شفاعة الكافرين

قال (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) براءة
وقال (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)

الشركاء والكُفّار لا يشفعون لأحد

قال الله (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الزخرف
وقال (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ) يس
وقال (وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ) الأحقاف

شاهد الفيديو

تعليقات