من فتاوى محمد عبده ( المفترى عليه)

محمد عبده  


فتاوى الشيخ في البدعة والاضرحة :

العلماء بين التشنيع والثناء..

في المنطقة العربية لا نعرف التقييم والحكم على أسس علمية وحيادية ، أو احترام المخالف لنا في المذهب والرأي والجماعة ،
كما أننا مشهورون بالمبالغة في الثناء والذمّ ، والمفترض اننا امة وسطية وأمرنا ان نقوم بالشهادة والقسط بين الناس ،
والشيخ محمد عبده هو واحد من الشخصيات التي نفدت اليها هذه المساوئ .

التشنيع على محمد عبده:

1-قال عنه غلاة السلفية المعاصرة : " إنه صوفي" ،

فوجدت فتواه في تحريم الابنية والقباب على القبور وتعيين هدمها.
2- وقالوا : انه كان يكره نظام الخلافة المتمثلة في العثمانيين ، لأنه شارك في ثورة عرابي على الخديوي ، وكان يتعاون مع الانجليز ،
ونسوا ما فعله الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع ابن سعود وغيرهم في التمرد على الدولة العلية كما كان يسميها محمد عبده وعلاقاتهم مع الانجليز.
3- وقالوا :هو من العقلانيين الرافضين للسنة النبوية ،
فوجدت فتواه في المحدثات والبدع . وأيضا فتواه في طوفان نوح وكيف ردّ الامر الى ظاهر الايات والاحاديث.
4- وقالوا : انظروا الى رسائله الى أستاذه الأفغاني وكيف عَظّمه وخاطبه بتعبيرات لا تقال سوى للاله ،
فتذكرت قول النبي يوسف عليه السلام على مولاه وسيده "إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ" يوسف 22

قراءة سورة الكهف والترقية وما يذكر بعد الأذان

مبادئ الفتوى
1- قراءة سورة الكهف جهرا وتلحينا على وجه يشوش على المصلين محظورة .
2 - الترقية قبل الخطبة حرام على مذهب أبى حنيفة .
3 - ما يذكر بعد الأذان أو قبله كله من المحدثات المبتدعة للتلحين لا لشىء آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين .
4 - الذكر جهرا أمام الجنازة مكروه .
5 - الأذان بين يدى الخطيب هو الباقى من سنة النبى صلى اللّه عليه وسلم

السؤال

بإفادة من مديرية المنوفية مؤرخة فى 24 مايو سنة 1904 مضمونها أنه مرسل معها عريضة مقدمة للمديرية من م ع ورفقائه والورقتان معها بأمل الاطلاع عليها والإفادة بما يرى نحو ما اشتملت عليه - والذى اشتملت عليه ست مسائل وهى المرغوب الاستفهام عما يرى فيها .

الأولى - ما المفيد من قراءة بقية سورة الكهف جهرا يوم الجمعة لأجل عدم غوغاء الفلاحين بالكلام الدنيوى .

الثانية - ما اشتهر من الترقية قبل الخطبة مع مراعاة الآداب فى الإلقاء وحديث إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب إلى أخره .

الثالثة - ما يحصل من الأذان قبل الوقت يوم الجمعة بما يشتمل على استغاثات وصلوات على النبى - صلى اللّه عليه وسلم - لتنبيه الفلاحين الموجودين بالغيطان الغافلين عن مكان الجمعة .

الرابعة - الأذان داخل المسجد بين يدى الخطيب .

الخامسة - ما اشتهر فى الصلاة والسلام على النبى - صلى اللّه عليه وسلم - عقب الأذان فى الأوقات الخمس إلا المغرب .

السادسة - الذكر جهرا أمام الجنازة بكيفية معتدلة خالية عن التلحين .

هل ذلك كله جار على السنن القويم أو فيه إخلال بالدين

الجواب

اطلعت على رقيم سعادتكم المؤرخ 24 مايو الماضى وعلى ما معه من الأوراق .
وأفيد سعادتكم أن كل عبادة لم يرد بها نص عن النبى صلى اللّه عليه وسلم .
ولم يأت فى عمله - صلى اللّه عليه وسلم - ولا فى عمل أصحابه اقتداء به وإن لم نعرف وجهة الاقتداء فهى بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فهى ممقوتة للشارع يجب منعها وهذه الأمور التى جاءت فى العرائض المقدمة لسعادتكم جميعها ما عدا الأذان بين يدى الخطيب صور عادات محدثة لم تكن على عهد النبى - صلى اللّه عليه وسلم - ولا أصحابه ولا التابعين ولا تابعيهم ولا يعرف بالتحقيق من أحدثها وما ينقل عن بعض العلماء فى الترقية مثلا من أنها فى العادات كالأكل والشرب واللباس والمسكن وما يستحدث فى العبادات .

فكل ما يحدث فى النوع الأول مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن وكان مما يخفف مشقة أو يدفع أذى أو يفيد منفعة فهو مستحسن ولا مانع منه إذا لم يكن ممنوعا بالنص كاستعمال الذهب والفضة والحرير للرجال ونحو ذلك .

وأما ما يحدث فى القسم الثانى أعنى قسم العبادات فالحديث فيه على عمومه، أعنى كل ما حدث منه بدعة والبدعة ضلالة والضلالة فى النار بلا شبهة .

وقد ذكر فى البحر فى كتب الحنفية أن ما تعورف من أن المرقى للخطيب يقرأ الحديث النبوى وأن المؤذنين يؤمنون عند الدعاء ويدعون لصحابة بالرضاء ونحو ذلك فكله حرام على مذهب أبى حنيفة رحمه اللّه .

وما قاله بعضهم من حمل الترقية على الكلام بأخروى عند محمد لا يصح الالتفات إليه لأن الترقية عمل وقت بوقت مخصوص يؤدى على نحو مخصوص فهو ليس من قبيل الكلام الذى يعرض لقائله فى أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو ذكر اللّه، خصوصا والترقية على حالها الموجودة فى القرى والمدن لا يقول أحد من الأئمة بجوازها بما فيها من التلحين والتغنى .

لو زعم السائلون أنه لا تلحين فيها لأنها لم يتخرج إلا للتلحين فإذا ذهب منها لم تعد تسمى ترقية ولم تبق فهم فيها حاجة .

فالصواب منعها على كل حال لأنها بدعة سيئة .

أما الأذان فقد جاء فى الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا لا إله إلا اللّه .

وما يذكر بعده أو قبله كله من المحرمات المبتدعة ابتدعت للتلحين لا لشىء آخر .

ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال إن شيئا من ذلك بدعة حسنة، لأن كل بدعة فى العبادات على هذا النحو فهى سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب .

وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة جاء فى عبارة الأشباه عند تعداد المكروهات ما نصه وكره إفراده بالصوم وإفراد ليله بالقيام وقراءة الكهف فيه خصوصا وهى لا تقرأ إلا بالتلحين وأهل المسجد يلغون ويتحدثون ولا ينصتون، ثم إن القارئ كثيرا ما يشوش على المصلين بصوته وتلحينه، فقراءتها على هذا الوجه محظورة .

أما الذكر جهرا أمام الجنازة ففى الفتح والأنقروية فى باب الجنائز يكره للماشى أمام الجنازة رفع الصوت بالذكر فإن أراد أن يذكر اللّه فليذكره فى نفسه .

وعلى ذلك فجميع الأشياء التى سألتم عنها مما يلزم منعه ما عدا الأذان الثانى وحده وهو الأذان بين يدى الخطيب فإنه هو الباقى من سنة النبى صلى اللّه عليه وسلم من بين السنن وما عداه مما ذكر لا يصح الإبقاء عليه لأن جميعه من مخترعات العامة ولا يتمسك به إلا جهالهم وليس من الجائز أن يؤخذ فى الدين بشىء لم تتقدم فيه أسوة حسنة معروفة ولا سنة مقررة منقولة .

وكيف يجوز اتباع مخترعين مجهولين لا يمكن الثقة بهم فى غير عبادة اللّه فضلا عن شىء فى دين اللّه .
واللّه أعلم

بيان

 الترقية بين يدي خطيب الجمعة :

هي قراءة: قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي )
وذكر الحديث المتفق عليه: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة ، أنصت والإمام يخطب ، فقد لغوت "
والبعض يزيد قائلا : ومن لغا فلا جمعة له .

2-هدم قبة على قبر

ذى الحجة 1319 هجرية

المبادئ

بناء بيت أو قبة على القبر مكروه، ولا بأس بهدم القبة التى على القبر بل هو الأولى إذا كانت تجتمع حولها القاذورات

السؤال

ضريح قديم عليه قبة فى شارع مطرق ليلا ونهارا معرضة للبول والأقذار .

وبجوار هذا الضريح مسجد منسوب لصاحبه، وفى هذا المسجد باب لذلك الضريح .

فهل يجوز هدم القبة ونقل الضريح إلى داخل المسجد أو يبقى فى محله

الجواب

المروى عن الإمام أبى حنفية أن بناء بيت أو قبة على القبر مكروه .

وهو يدل على أن لا بأس بهدم القبة المذكورة، بل إنه الأولى .

فإذا كانت تجتمع حولها القاذورات واعترضت فى الطريق تأكدت الأولوية .

أما موضع القبة وهو الضريح فيسوى بأرض الشارع، لأنه لو فرض أن تحته ميتا مدفونا فقد بلى، فيجوز استعمال أرضه فى غير الدفن .
واللّه أعلم

3- طوفان نوح

شوال 1317 هجرية

المبادئ

لا يجوز لشخص مسلم أن ينكر شيئا مما يدل عليه ظاهر الآيات والأحاديث التى صح سندها إلا بدليل عقلى يقطع بأن الظاهر غير مراد

السؤال

ظهر بعض الطلبة ديدنهم البحث فى العلوم الرياضية والخوض فى توهين الأدلة القرآنية وقد قالوا إن الطوفان لم يكن عاما لأنحاء الأرض بل هو خاص بالأرض التى كان بها قوم نوح عليه السلام وأنه بقى ناس فى أرض الصين لم يصبهم الغرق وإن دعاء نوح عليه السلام بهلاك الكافرين لم يكن عاما بل هو خاص بكفار قومه لأنه لم يكن مرسلا إلا إلى قومه بدليل ما صح (وكان كل بنى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة) فإذا قيل لهم إن الآيات الكريمة ناطقة بخلاف ذلك لقوله تعالى { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } نوح 26 ، وقوله تعالى { وجعلنا ذريته هم الباقين } الصافات 77 ، وقوله تعالى { لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم } هود 43 ، قالوا هى قابلة للتأويل ولا حجة فيها، وإذا قيل لهم بأن نوحا عليه السلام أول رسول بعثه اللّه إلى أهل الأرض ويكون عموم بعثته أمرا اتفاقيا لعدم وجود أحد غير قومه ولو وجد غيره لم يكن مرسلا إليهم سخروا واستندوا إلى حكايات أهل الصين، والمطلوب كشف الغطاء عن سر هذا الحادث العظيم والإفادة بما يطمئن إليه القلب

الجواب

أما القرآن الكريم فلم يرد فيه نص قاطع على عموم الطوفان ولا على عموم رسالة نوح عليه السلام، وما ورد من الأحاديث على فرض صحة سنده فهو أحاد ولا يوجب اليقين،
 والمطلوب فى تقرير مثل هذه الحقائق هو اليقين لا الظن إذا عد اعتقادها من عقائد الدين،
أما المؤرخ ومريد الاطلاع فله أن يحصل من الظن ما ترجحه عنده ثقته بالراوى أو المؤرخ أو صاحب الرأى، وما يذكره المؤرخون والمفسرون فى هذه المسألة لا يخرج عن حد الثقة بالرواية أو عدم الثقة بها ولا تتخذ دليلا قطعيا على معتقد دينى أما مسألة عموم الطوفان فى نفسها موضوع نزاع بين أهل الأديان وأهل النظر فى طبقات الأرض، وموضوع خلاف بين مؤرخى الأمم .

أما أهل الكتاب وعلماء الأمة الإسلامية فعلى أن الطوفان كان عاما لكل الأرض ووافقهم على ذلك كثير من أهل النظر، واحتجوا على رأيهم بوجود بعض الأصداف والأسماك المتحجرة فى أعالى الجبال لأن هذه الأشياء مما لا يتكون إلا فى البحر، فظهورها فى رؤوس الجبال دليل على أن الماء صعد إليها مرة من المرات ولن يكون ذلك حتى يكون قد عم الأرض .

ويزعم غالب أهل النظر من المتأخرين أن الطوفان لم يكن عاما ولهم على ذلك شواهد يطول شرحها غير أنه لا يجوز لشخص مسلم أن ينكر قضية أن الطوفان كان عاما لمجرد حكايات عن أهل الصين أو لمجرد احتمال التأويل فى آيات الكتاب العزيز بل على كل من يعتقد بالدين أن لا ينفى شيئا مما يدل عليه ظاهر الآيات والأحاديث إلى صح سندها وينصرف عنها إلى التأويل إلا بدليل عقلى يقطع بأن الظاهر غير مراد .

والوصول إلى ذلك فى مثل هذه المسألة يحتاج إلى بحث طويل وعناء شديد وعلم غزير فى طبقات الأرض وما تحتوى عليه، وذلك يتوقف على علوم شتى عقلية ونقلية ومن هذى برأيه بدون علم يقينى فهو مجازف لا يسمع له قول ولا يسمح له ببث جهالاته ،واللّه أعلم
تعليقات