الْحَجْرِ في الشريعة والقانون

احكام الحجر




الحجر في الفقه والقانون :

فقه الحجر وفتاوى وقوانين

معناه اللغوي والشرعي :

قال ابن قدامة في كتاب " المغني" :
معنى الْحَجْرُ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ وَالتَّضْيِيقُ.
وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَرَامُ حِجْرًا، قَالَ تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: 22]، أَيْ حَرَامًا مُحَرَّمًا،
وَيُسَمَّى الْعَقْلُ حِجْرًا، قَالَ اللَّه تَعَالَى {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5] . أَيْ عَقْلٍ. سُمِّيَ حِجْرًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ ارْتِكَابِ مَا يَقْبَحُ، وَتَضُرُّ عَاقِبَتُهُ،
وَ الْحَجْرُ فِي الشَّرِيعَةِ: هو مَنْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ.

وَالْحَجْرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

1- حَجْرٌ عَلَى الْإِنْسَانِ لِحَقِّ نَفْسِهِ،
2- وَحَجْرٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ،
فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ، كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ، لِحَقِّ غُرَمَائِهِ،
وَعَلَى الْمَرِيضِ فِي التَّبَرُّعِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، أَوْ التَّبَرُّعِ بِشَيْءِ لِوَارِثِ لِحَقِّ وَرَثَتِهِ،
وَعَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ لِحَقِّ سَيِّدِهِمَا، وَالرَّاهِنِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي الرَّهْنِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلِهَؤُلَاءِ أَبْوَابٌ يُذْكَرُونَ فِيهَا.
وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ، فَثَلَاثَةٌ؛ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالسَّفِيهُ، وَهَذَا الْبَابُ مُخْتَصٌّ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَالْحَجْرُ عَلَيْهِمْ حَجْرٌ عَامٌ؛ لِأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ التَّصَرُّفَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَذِمَمِهِمْ.

الأدلة الشرعية :

وَالْأَصْلُ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِمْ:
1- قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}النساء 5
-قال القرطبي في التفسير : وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "السُّفَهَاءُ" هُنَا كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ، وَهَذَا جَامِعٌ،
وقال : وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ، لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ)، وَقَوله (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)البقرة 282.
 فَأَثْبَتَ الْوِلَايَةَ عَلَى السَّفِيهِ كَمَا أَثْبَتَهَا عَلَى الضَّعِيفِ. وَكَانَ مَعْنَى الضَّعِيفِ رَاجِعًا إِلَى الصَّغِيرِ، وَمَعْنَى السَّفِيهِ إِلَى الْكَبِيرِ الْبَالِغِ - .
2-وقوله (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ )[النساء: 5-6].
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ: هُوَ مَالُ الْيَتِيمِ عِنْدَك، لَا تُؤْتِهِ إيَّاهُ، وَأَنْفِقْ عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا أَضَافَ الْأَمْوَالَ إلَى الْأَوْلِيَاءِ(في قوله : أَمْوَالَكُمُ ) وَهِيَ لِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قِوَامُهَا وَمُدَبِّرُوهَا.
وقَوْله تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} يَعْنِي، اخْتَبِرُوهُمْ فِي حِفْظِهِمْ لِأَمْوَالِهِمْ. {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} أَيْ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أَيْ أَبْصَرْتُمْ وَعَلِمْتُمْ مِنْهُمْ حِفْظًا لِأَمْوَالِهِمْ، وَصَلَاحًا فِي تَدْبِيرِ مَعَايِشِهِمْ.

مسائل في الحجر والمحجور عليه :

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَمَنْ أُونِسَ مِنْهُ رُشْدٌ، دُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ، إذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ)
الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ:

* أَحَدُهَا، فِي وُجُوبِ دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا رَشَدَ وَبَلَغَ،

 وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي نَصِّ كِتَابِهِ، بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] وَلِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ، حِفْظًا لِمَالِهِ عَلَيْهِ، وَبِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَيُحْفَظُ مَالُهُ، فَيَزُولُ الْحَجْرُ، لِزَوَالِ سَبَبِهِ.

وَلَا يُعْتَبَرُ فِي زَوَالِ الْحَجْرِ عَنْ الْمَجْنُونِ إذَا عَقَلَ حُكْمَ حَاكِمٍ، بِغَيْرِ خِلَافٍ،
وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إذَا رَشَدَ وَبَلَغَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَزُولُ إلَّا بِحَاكِمٍ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَنَظَرٍ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِي مَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ إلَى اجْتِهَادٍ، فَيُوقَفُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، كَزَوَالِ الْحَجْرِ عَنْ السَّفِيهِ.

وَلَنَا، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِدَفْعِ أَمْوَالِهِمْ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْبُلُوغِ وَإِينَاسِ الرُّشْدِ، فَاشْتِرَاطُ حُكْمِ الْحَاكِمِ زِيَادَةٌ تَمْنَعُ الدَّفْعَ عِنْدَ وُجُوبِ ذَلِكَ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ، وَلِأَنَّهُ حَجْرٌ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ فَيَزُولُ بِغَيْرِ حُكْمِهِ، كَالْحَجْرِ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَبِهَذَا فَارَقَ السَّفِيهَ.

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ يَزُولُ بِزَوَالِ السَّفَهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
فَصَارَ الْحَجْرُ مُنْقَسِمًا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يَزُولُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، وَهُوَ حَجْرُ الْمَجْنُونِ،
وَقِسْمٌ لَا يَزُولُ إلَّا بِحَاكِمِ، وَهُوَ حَجْرُ السَّفِيهِ،
وَقِسْمٌ فِيهِ الْخِلَافُ، وَهُوَ حَجْرُ الصَّبِيِّ.

الْفَصْل الثَّانِي: الْيَتِيم لَا يَدْفَع إلَيْهِ مَاله قَبْلَ وُجُودِ أَمْرَيْنِ


الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَلَوْ صَارَ شَيْخًا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ، وَالشَّامِ،، وَمِصْرَ، يَرَوْنَ الْحَجْرَ عَلَى كُلِّ مُضَيِّعٍ لِمَالِهِ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.

وَهَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ. وَرَوَى الْجُوزَجَانِيُّ، فِي " كِتَابِهِ "، قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَلِي أَمْرَ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ ذِي أَهْلٍ وَمَالٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَمْرٌ فِي مَالِهِ دُونَهُ؛ لِضَعْفِ عَقْلِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: رَأَيْته شَيْخًا يُخَضِّبُ، وَقَدْ جَاءَ إلَى الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، ادْفَعْ إلَيَّ مَالِي، فَإِنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَى مِثْلِيٍّ فَقَالَ: إنَّك فَاسِدٌ. فَقَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ، إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ مَالِي. فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَدْفَعَ إلَيْك مَالَك عَلَى حَالِك هَذِهِ. فَبَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ، وَقَالَ: هِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا كُنْت لِأَحْبِسهَا عَلَيْك وَقَدْ فُهْت بِطَلَاقِهَا. فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: أَمَّا رَقِيقُك فَلَا عِتْقَ لَك، وَلَا كَرَامَةَ. فَحَبَسَ رَقِيقَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: مَا كَانَ يُعَابُ عَلَى الرَّجُلِ إلَّا سَفَّهَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُدْفَعُ مَالُهُ إلَيْهِ قَبْلَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَإِنْ تَصَرَّفَ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، فُكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ.

وَدُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الإسراء: 34] وَهَذَا قَدْ بَلَغَ أَشُدَّهُ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَدًّا، وَلِأَنَّهُ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ مُكَلَّفٌ، فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، كَالرَّشِيدِ.

وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] عَلَّقَ الدَّفْعَ عَلَى شَرْطَيْنِ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا، وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] . يَعْنِي أَمْوَالَهُمْ، وَقَوْلُ اللَّه تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] فَأَثْبَتِ الْوِلَايَةَ عَلَى السَّفِيهِ، وَلِأَنَّهُ مُبَذِّرٌ لِمَالِهِ، فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، كَمَنْ لَهُ دُونَ ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ عَاوَدَ السَّفَهَ، حُجِرَ عَلَيْهِ)

وَجُمْلَتُهُ، أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا فُكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ لِرُشْدِهِ وَبُلُوغِهِ، وَدُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ، ثُمَّ عَادَ إلَى السَّفَهِ، أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ. وَبِهَذَا قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُبْتَدَأُ الْحَجْرُ عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ، وَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ، فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَالرَّشِيدِ. وَلَنَا.إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَرَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ابْتَاعَ بَيْعًا، فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَآتِيَنَّ عُثْمَانَ لِيَحْجُرَ عَلَيْك. فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّبَيْرَ، فَقَالَ: قَدْ ابْتَاعَ بَيْعًا، وَإِنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَيَسْأَلَهُ الْحَجْرَ عَلَيَّ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُك فِي الْبَيْعِ. فَأَتَى عَلِيٌّ عُثْمَانَ، فَقَالَ إنَّ ابْنَ جَعْفَرٍ قَدْ ابْتَاعَ بَيْعَ كَذَا، فَاحْجُرْ عَلَيْهِ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُهُ فِي الْبَيْعِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ.
فصل :لَا يَحْجُر عَلَى السَّفِيه إلَّا الْحَاكِمُ

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ تَبْذِيرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ الْحَجْرِ، فَأَشْبَهَ الْجُنُونَ. وَلَنَا: أَنَّ التَّبْذِيرَ يَخْتَلِفُ، وَيُخْتَلَفُ فِيهِ، وَيَحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ، فَإِذَا افْتَقَرَ السَّبَبُ إلَى الِاجْتِهَادِ، لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، كَابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْعُنَّةِ، وَلِأَنَّهُ حَجْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَفَارَقَ الْجُنُونَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَمَتَى حُجِرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ فَرَشَدَ، فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ. وَلَا يَزُولُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَزُولُ السَّفَهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْحَجْرِ، فَيَزُولُ بِزَوَالِهِ، كَمَا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَأَنْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا، أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، لَزِمَهُ ذَلِكَ)

وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ، لِفَلَسٍ، أَوْ سَفَهٍ، إذَا أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا، كَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَالشُّرْبِ، وَالْقَذْفِ، وَالْقَتْلِ الْعَمْدِ، أَوْ قَطْعِ الْيَدِ، وَمَا أَشْبَهَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ مَقْبُولٌ، وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْحَال. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ، إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِزِنًا، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ قَتْلٍ، وَأَنَّ الْحُدُودَ تُقَامُ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا أَحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَالْحَجْرُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَالِهِ، فَقُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ. وَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، نَفَذَ طَلَاقُهُ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ، صَحَّ النِّكَاحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ،

وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ: أَبُو الْخَطَّابِ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَجِبُ بِهِ مَالٌ، فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، كَالشِّرَاءِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ مَالِيٍّ، فَصَحَّ مِنْهُ، كَخُلْعِهِ وَطَلَاقِهِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْمَالُ، فَحُصُولُهُ بِطَرِيقِ الضِّمْنِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ لَزِمَ ذَلِكَ مِنْ الطَّلَاقِ.

الحجر في القانون المصري

مرسوم الولاية علي المال رقم 119 لسنة 1952 (موجز)
الباب الأول في القصر:
الفصل الأول في الولاية:من المادة 1- 26
الفصل الثاني: الوصية والأوصياء، حتى المادة 64
والباب الثاني :في الحجر والمساعدة القضائية والغيبة
الفصل الأول :في الحجر
مادة 65 :يحكم بالحجر علي البالغ للجنون او للعته او للسفه او للغفله و لا يرفع الحجر إلا بحكم وتقيم المحكمة علي من يحجر عليه قيما لادارة أمواله وفقا لالحكام المقررة في هذا القانون .
مادة 66 :النفقات اللازمة للعناية بالمحجور عليه مقدمة علي ما عداها مادة
 67 :يجوز للمحجور علية للسفة او للغفلة باذن من المحكمة ان يتسلم امواله كلها او بعضها لادارتها وفي هذه الحالة تسرى عليه الأحكام التي تسرى في شأن القاصر المأذون.
مادة 68 :تكون القوامة للابن البالغ ثم للأب ثم للجد ثم لمن تختارة المحكمة
مادة 69 :يشترط في القيم ما يشترط في الوصي وفقا للمادة 27 ومع ذلك لا يحول قيام احد السببين المنصوص عليهما في البندين 1 , 4 من المادة المذكورة دون تعيين الابن او الأب أو الجد اذا رات المحكمة مصلحة في ذلك.

..

تعليقات