الرّبا في الاسلام (الحقيقة والخداع )

أحكام الربا





الربا (بيانه وأدلته)

لا يخدعك أحد مهما كانت وظيفته وتخصصه ويقول : "إنما الربا في القروض ، وإنما معاملاتهم هي استثمار وتمويل للمشروعات " .
أقول :وحتى ذلك التمويل فلا يجوز إلا ضمن الأصل والقاعدة التي هي قول الله تعالى(لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) البقرة ،
فليس كل مشروع قد أدخل ربحا وعائدا ،ووارد جدا الخسارة في عالم التجارة والصناعة ، وكم من شخص أفلس وقد يسجن ،بسبب خسارته ثم وجب عليه دفع فائدة البنك ، فبأي حق استحقه المودع تلك الفائدة بينما صاحب القرض الاستثماري قد خسر ؟!!!!.
وترى ائمة الفقه يجعلون باب "الربا" في كتبهم ضمن مسائل البيوع :

نشأة البنوك الربوية

فتوى الشيخ / عطية صقر .مايو 1997
السؤال : كيف نشأ نظام البنوك وهل صحيح أن اليهود لهم دور كبير فى ذلك ؟

الجواب
إن الربا محرم فى جميع الشرائع السماوية ، ومن المعروف أن اليهود يحبون المال حبا جما ، لدرجة طغت على الإيمان باليوم الآخر، وجاء عنهم أن جنة الإنسان هى غناه وأن ناره هى فقره ، أو من مات غنيا دخل الجنة ومن مات فقيرا دخل النار، وقد جاء فى القرآن الكريم ذمهم لأسباب كثيرة منها الربا الذى جاء فيه قوله تعالى {وأخذهم الربا وقد نهوا منه وأكلهم أموال الناس بالباطل} النساء : 161 .وما يزال نشاطهم فى هذه الناحية معروفا إلى الآن .

والتاريخ يتحدث أن البنوك التى ولدت حديثا فى الغرب كان للثورة الصناعية دور كبير فيها ، فقد كانت العملة المتداولة هى النقود الذهبية، وكان الأغنياء يودعون أموالهم عند من يشتغلون بصناعة الذهب لحفظها وعدم السطو عليها ، ويأخذون منها القدر الذى يحتاجون إليه فى مقابل يُدفع إلى من أودعت عنده ، وإذا أراد الغنى الانتقال إلى بلد آخر يستثقل أن يحمل معه ذهبه أو يخشى عليه الضياع ، فيأخذ أمرا ممن هى عنده إلى زميل له فى ذلك البلد ليتسلم ما يريد من المال وصارت السندات هى المستعملة بدل حمل النقود لخفتها وضمانها .

ولما كثرت الودائع الذهبية عند "الصيارفة" استغلوها فى الإقراض بفائدة يحددونها على حسب ما يرون من حاجة المقترض ، وعند رد القرض بفائدته يستغل مرة ومرات أخرى هكذا .

ومن أجل هذا الحرص على الفائدة كره الناس هؤلاء الصيارفة مع اضطرارهم إليهم - ولما جاءت الثورة الصناعية كثر الإقراض الإنتاجى بعد أن كان للاستهلاك . ومن أجل الحاجة إلى ما عند الصيارفة ومع تحريم الكنيسة للربا - حللته القوانين الوضعية، فتطور مركز الصيرفى وأصبح كل صاحب بنك له احترامه ، ونشأت البنوك فى صورة شركات مساهمة ، وانهالت الودائع عليها بفائدة ضئيلة تضمن لأصحابها الربح الثابت بدل المخاطرة بها فى المشروعات ، وفى الوقت نفسه تقرض البنوك هذه الودائع بفائدة مرتفعة تكسب الفرق بين فائدة الإيداع وفائدة الإقراض ومن هنا انتزعت السيطرة على اقتصاديات العالم فى العصر الحاضر .
ويقول المختصون : إن النظام الربوى فى البنوك جعل أصحابها مسيطرين على اقتصاديات المجتمع بل على سياسته الداخلية والخارجية وتشريعاته وسلوكياته وثقافته وفكره ، يمتصون دماءه وهم آمنون ، والناس من حولهم كادحون مغلوبون .

وهذا النظام فى الإقراض الإنتاجى دفع المنتج إلى غلاء الأسعار ليسدد القرض وفائدته ، وإذا غلت الأسعار انحسر الاستهلاك وتضخم الفائض ، ولو أراد المنتج تخفيض السعر ليصرف ما عنده كان ذلك على حساب العمال ، إما بتخفيض أجورهم وإما بالاستغناء عن بعضهم ، ولذلك عواقبه فى نقص القوة الشرائية وفى خلق البطالة وزيادة انحسار الاستهلاك ، وفائض الإنتاج يزداد ، ولتصريف الفائض يجئ التفكير فى خلق أسواق غير منتجة ، وهى فى البلاد النامية، وهو طريق إلى السيطرة عليها واستعمارها ، وذلك يخلق تحكما فى أسعار المواد الخام التى لم تصنعها تلك البلاد غير الصناعية ، فتقل أثمانها ، ولا تجنى من تصديرها إلا القليل .
إن خير ما يواجه به النظام الربوى لأصحاب البنوك ،
هو نظام المضاربة بشروطها الشرعية المعروفة التى لا تثرى فيه طائفة على حساب الأخرى ، ويسود فيها التشاور والاشتراك الفعلى فى النشاط الذى يحقق الربح للطرفين ،"مقتطف من مقال السيد / أحمد عزت الصياد بمجلة الهداية الصادرة فى البحرين - عدد جمادى الآخرة 1415 هـ ديسمبر 1994 م "

تعريف الربا :

قال ابن حزم في كتابه "المحلى" :
مَسْأَلَةٌ الرِّبَا: وَالرِّبَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ سَلَمٍ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ النُّصُوصُ إلَّا بِذَلِكَ، وَلَا حَرَامَ إلَّا مَا فُصِّلَ تَحْرِيمُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] .
وقال ابن قدامة المقدسي صاحب "المغني ":
الرِّبَا فِي اللُّغَةِ: هُوَ الزِّيَادَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] . وَقَالَ: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النحل: 92] . أَيْ أَكْثَرُ عَدَدًا، يُقَالُ: أَرْبَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ، إذَا زَادَ عَلَيْهِ.
وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: الزِّيَادَةُ فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ. وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ؛
أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] . وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْآيَاتِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هِيَ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ" . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَكَاتِبَهُ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا فِي أَخْبَارٍ سِوَى هَذَيْنِ كَثِيرَةٍ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الرِّبَا مُحَرَّمٌ.

"الرِّبَا عَلَى نوعين "

وَالرِّبَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: رِبَا الْفَضْلِ، وَرِبَا النَّسِيئَةِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا.
(شرح : ربا الفضل : أي زيادة بسبب تفاضل شيء على آخر ، مثال ورقة بقيمة عشرة جنيه لكنها مقطوعة تستبدل ب9 جنيه سليمة صحيحة)
(شرح : ربا النسيئة ، أي زيادة بسبب التأخير والتأجيل )

وَقَدْ كَانَ فِي رِبَا الْفَضْلِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ؛ فَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ. لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَالْمَشْهُورُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، رَوَى ذَلِكَ الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُمْ.
وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ:
" لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَشْفُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَشْفُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا غَائِبًا بِنَاجِزٍ" .
(شرح : لا تشفوا: من الاشفاف وهو التفضيل ، وغائبا :مؤجلا .وبناجز :بحاضر . والورق : الفضة
والمعنى : النهي عن الزيادة عند شراء وبيع شيئين من جنس واحد  )


وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَيْضًا، قَالَ:
«جَاءَ بِلَالٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ،
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مِنْ أَيْنَ هَذَا يَا بِلَالُ؟
قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْت صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِيُطْعِمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إنْ أَرَدْت أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ
» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا،
(شرح :تمر برني : هو نوع جيد من التمر)
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ.
وقال ابن قدامة : وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ"،
مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسَيْنِ.

فتوى /فائدة أموال جماعة الحج فى البنك

المفتي /
جاد الحق على جاد الحق .
12 محرم 1402 هجرية - 9 نوفمبر 1981 م
المبادئ
1- الزيادة التى تحصل عليها جماعة الحج من البنك بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة ومن كبائر المحرمات .
2 - لا يحل أخذ هذه الفائدة بحجة صرفها فى وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة
السؤال :
بالطلب المقدم من جماعة الحج التعاونى الذى تلتمس فيه حكم الدين فى أموال الجمعية التى تتجمع طول العام بصفة اشتراكات شهرية، وتودعها الجمعية أولا بأول فى أحد البنوك بصفة أمانة بدون فائدة .
وقد طلب أعضاء الجماعة أن تحصل الجمعية على فائدة مقابل هذه المبالغ للاستفادة منها فى أعمال الخير، كترميم المساجد وتصليح دورات المياه وغير ذلك من الأعمال الخيرية، ولكن الجماعة ترفض الحصول على أى فائدة من البنك المودع به أموال الجماعة، وتطلب الجماعة الإفادة عما إذا كان يجوز الحصول على الفائدة للاستفادة بها فى أوجه الخير الموضحة أعلاه أم لا يجوز الحصول عليها وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
جرى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الربا هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال .
وقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم . وكان من آخرها نزولا،
  قول الله سبحانه وتعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ،
ومحرم كذلك بما ورد فى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة . والبر بالبر . والشعير بالشعير . والتمر بالتمر . والملح بالملح .
مثلا بمثل ،يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء
) .

ولما كان مقتضى هذه النصوص أن كل زيادة مشروطة فى القرض قدرا وزمنا تعتبر من ربا الزيادة المحرم قطعا .
كانت الزيادة التى تحصل عليها الجمعية بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة، والتعامل بالربا أخذا وعطاء من كبائر المحرمات فى الإسلام .
فلا يحل أخذ فائدة من البنك على أموال جماعة الحج المودعة لديه بحجة صرفها فى وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة والله طيب لا يقبل إلا طيبا كما ورد فى الحديث الشريف .

التعامل في المصوغات والمشغولات الذهبية (بيع واستبدال)

روى البخاري ومسلم قَالَ أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَالفِضَّةَ بِالفِضَّةِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ، وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْتُمْ»
فتوى دار الإفتاء المصرية ٨ نوفمبر ٢٠١٢ ·


ما حكم الشرع في بيع الذهب المصوغ بالتقسيط؟
الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواب
ورد النهي النبوي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة، نسيئة أو متفاضلاً ، في عدة أحاديث :
منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وغيره أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:
"لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ إلاّ مِثْلاً بمِثْلٍ، ولا الفِضّةَ بالفِضّةِ إلاّ مِثْلاً بمِثْلٍ، ولا تُفَضِّلُوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبِيعُوا مِنها غائِبًا بناجِزٍ" رواه البخاري،
وذلك لعلة النقدية وكونهما أثمانًا (وسيطا للتبادل).
أما الذهب والفضة المصوغان فإنهما خرجا بذلك عن كونهما أثمانًا (وسيطًا للتبادل)، وانتفت عنهما علة النقدية التي توجب فيهما شرط التماثل وشرط الحلول والتقابض ويترتب عليها تحريم التفاضل وتحريم البيع الآجل، فصارا كأي سلعة من السلع التي يجري فيها اعتبار قيمة الصنعة -وهي هنا "الصياغة"-؛
إذ من المعلوم أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا،
وهذا مذهب الحافظ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، وهو منقول عن معاوية رضي الله عنه وأهل الشام،
ونُقِلَ أيضًا عن الإمام مالك،
وذكره ابن قدامة عن الحنابلة حيث جوزوا إعطاء الأجر على الصياغة، وعملُ الناس عليه -كما في "الإنصاف" للمِرداوِي-،
وهذا كله بشرط أن لا تكون الصياغة مُحَرَّمة كالمشغولات الذهبية التي من شأنها أن لا يلبسها إلا الذكور مِن غير أن تكون لهم رخصة فيها.
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع وإن كانت من غير جنسها، فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان وأُعِدَّت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها.اهـ.
وبناءً على ما سبق فإنه لا مانع شرعًا من بيع الذهب بالتقسيط.
والله سبحانه وتعالى أعلم
رابط الفتوى/  https://www.facebook.com/EgyptDarAlIfta/posts/526533147376472


تعليقات