الشريعة الاسلامية بين النظرية والتطبيق




قوانين الشريعة الاسلامية بين النظرية والتطبيق:

أولا : خطاب الله تعالى :

1. (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) سورة المائدة 48
2. وقال (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) الشورى 21
3. وقال (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (13)
4. وقال (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الجاثية 18


تعريف الشريعة الاسلامية  

الشريعة، لغة : المذهب والطريقة والمنهج.
وشرعا هي الطريقة في العبادة والمعاملات ،
وفي التفسير : الشَّرِيعَةُ: الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْحُدُودُ والفرائض .
والشريعة تعني الدين،
وهي القانون قال تعالى (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) يوسف 76
قال الطبري : "دين الملك" أي حُكْم مَلِك مصر وقضائه .
قلت.وتشمل القواعد والأصول والكليات والفروع والأحكام والحدود ،
في مسائل العقيدة والمسائل المدنية والجنائية والمالية والأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث .

ثانيا : تطبيق الشريعة الاسلامية :

يعني تطبيق الدين على مستوى الأفراد ،
وعلى مستوى الهيئات و المؤسسات والدولة،
والتطبيق يكون بقدر الطاقة ، حسب وسع كل نفس وحسب وسع المجتمع والدولة ككل .
وحسب الاجتهاد والمعرفة .

اشكالية القانون الفرنسي في مصر وتاريخ حدوث الأزمة والفتنة:

مصطلح "القانون" قد يشمل مجموعة من القوانين وهو مرادف لمصطلح "الدين " و "الشريعة " .
فالقانون المصري مثلا يتكون من :
الدستور -والقانون المدني – والقانون التجاري – والقانون البحري –والقانون الجوي- وقانون العقوبات –وقانون الأحوال الشخصية – وقانون المرافعات والاجراءات.

كان في مصر والسعودية وأغلبية الدول العربية قبل العصر العثماني:

اربعة قضاه لكل مذهب فقهي، فأتت الدولة العثمانية عام 1522 بالغاء ذلك وجعل قاضيا واحدا .
وكان ما يسمى ب " المحكمة الشرعية " وكانت تنظر في جميع أنواع القضايا سواء كانت مدنية أو جنائية أو أحوال شخصية .

وفي أثناء الحكم الفرنسي 1798 م

 قام نابليون بونابرت بانشاء " محكمة القضايا"للنظر في المسائل التجارية .
ثم تم انشاء محاكم خاصة لكل طائفة دينية في مصر كالأقباط واليهود وغيرهم .

وجاء حكم أسرة محمد على ،

وفي عام 1870 ظهرت المحاكم المختلطة والتي كان عملها مستمد من القانون الفرنسي في عهد الخديوي اسماعيل .

وفي عام 1955 في عهد عبد الناصر

 بعد قيام ثورة 52 وعزل الملك تم إلغاء المحاكم الشرعية وضمها للمحاكم العادية .
وليس هذا فقط بل توالى اصدار التشريعات والقوانين التي قد تصطدم بقواعد الشريعة الاسلامية مثل تأميم الممتلكات الخاصة وظهور الفكر الاشتراكي ومبادئ الشيوعية 

ظهور الفكر العلماني والتخلي عن الشرائع الدينية : 

-ومن قبل ذلك كله ظهور الفكر العلماني والدولة العلمانية في العالم الغربي نتيجة للصراع على الحكم بين الكنيسة والملوك ، والغاء سلطة البابوات على سياسة الملك وتنصيبه،
فيقول مثلا الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون في خطابه وهو أحد المؤسسين للولايات المتحدة عام 1802 " أؤمن مثلكم بأن الدين مسألة متمثلة بين الانسان والهه فحسب " ،
ثم تابعهم كمال اتاتورك في تركيا عام 1923 ، ورفع الدين من دستور الدولة ، وبالتالي تشريع قوانين ليست تحت سيطرة شرائع الدين ولا سلطة رجال الدين ،
ثم دعوات فكرية خاصة مثل تحرير المرأة ونبذ الحجاب ودعوة الاختلاط لقاسم أمين عام 1899 ،
وانتشار فلسفات تحكم سلوك وأخلاق أفراد المجتمع أصلها الحرية الغربية المطلقة -
ومنذ هذا التاريخ اشتعلت فتنة تطبيق الشريعة ولم تهدأ حتى وقتنا الحاضر ، واستخدام شعارها سياسيا واجتماعيا ودينيا .
فالمواجهة اذن ليست فقط بين علماء الدين ورجال السياسة ، بل هي مقابل رجال الفكر والعلوم والتشريع ،
ومِنْ ثَم بين أتباع كل هؤلاء القادة والزعماء.

هل غابت كل الشريعة  أم البعض منها ؟ :

الواقع ان ليس كل قوانين الشريعة الاسلامية معطلة أو غائبة عن حياة المصريين ، بل قل هو بعض منها معطل وغائب مثل :
عقوبة الزنا أو السرقة مثلا، ودية القتيل ،وجواز تصنيع وبيع الخمور وشربها ، والقمار، وعدم فرض الحجاب ، وعقوبة الجلد للقاذف ،وعدم المساواة والتمييز كالأمير والباشا ، وغياب دور الدولة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

أمور مختلف فيها في الشريعة الاسلامية  ، أو صعبة التطبيق ولها عقبات:

مثل :
1- اجتهادات واختلاف تفسير العلماء والفقهاء والناس لنصوص الشريعة كالقرآن والأخبار النبوية والقياس،
فمن أجدر من تلك الاجتهادات والآراء بتمثيل الشريعة والتطبيق ؟
فمثلا شكل حجاب ولباس المرأة المسلمة مختلف فيه ،
بل اختلاف نصوص الأخبار النبوية ذاتها وتناقضها، من عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ .
2- وقبول أخبار الآحاد .
هل هي من أصول الشريعة حتى وان اختلفت مع نصوص القرآن المصدر الأول في الشريعة الاسلامية .
3- شكل الحكم :جمهوري أم ملكي أم خلافة ؟ .
4- الديمقراطية ، والأحزاب السياسية حرام أم حلال في الشريعة ؟
4- ربا البنوك، والذي يحكم اقتصاد الدولة بل والعالم :.
كيف استبداله والخلاص منه ؟
5- القبور في المساجد :.
هل تحظر للأخبار النبوية؟
 أم يرخص أسوة بالمسجد النبوي وقبر الرسول .
6- موالاة الدول غير المسلمة .
في حال المعاهدات والاتفاقيات والسلم والتعاون الدولي .
7- فرض الجزية على الغير مسلم .
8- استرقاق المنهزمين في الحروب .
9- قتال وجهاد الغير مسلمين :.
يكون للدفاع عن النفس أو منع الفتنة في الدين، أم لنشر الدين بالقوة.
10- حدّ المرتدين: .
قتل المرتد لكونه كافرا ؟
 أم يقتل لكونه محاربا ؟
11- مهما اجتهد الحاكم في تطبيق شرع الله فلن يرضى عنه المحكومين:
وانظر الى الخليفة الثالث وصاحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأول السابقين للاسلام عثمان بن عفان فقد اغتيل وقتل بتهمة مخالفة الكتاب والسنة النبوية وفعل أبو بكر وعمر .

كلها أمور ومسائل تحتاج الى بحوث وكتب وجهد عظيم ووقت كبير .

دولة مدنية أم دولة دينية

اختلف في توصيف الدولة الاسلامية في مراحلها المختلفة بدءا من عهد النبوة والخلفاء الأربعة ثم باقي الدول كالأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية وغيرها ، هل هي مدنية ام دينية .
وفي نظام الحكم من حيث اختيار الحاكم وأهليته ومدة حكمه وجواز عزله، وجواز محاكمته إن أخطأ .
ونظام الحكم هذا من الشريعة أم لا ؟

الحكم للسياسي أم  لرجل الدين:

هي مطلب وقاعدة واعتقاد : الحكم لرجل السياسة المدني الغير متخصص في الدين ، مستعينا برجال الدين،
ويكون متمثلا في رئيس جمهوري أو ملك أو أمير ، وهو ملزم بما انزله الله من شرع وبما ارتضاه شعبه من تشريعات .
أم يكون لرجل الدين المؤتمن على الشريعة العالم بها وبالأمور التي لا تناقضها من قوانين وتشريعات ؟

تطبيق الشريعة ليس من الشريعة :

بمعنى أن نصوص الشريعة  هي مقدسة منزلة من الاله ، ثابتة بأصولها وقواعدها ونظرياتها ،
أما تطبيق الشريعة  فهو عمل بشري واجتهاد عقلي علمي قابل للصواب والخطأ ،
ويجوز لك التأسي بتطبيقات من سبقوك أو تركها ، ل
كن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تضم هذا التطبيق الى نصوص الشريعة وتجعله ملحقا له نفس القداسة ، فلا يلحق العملي البشري ،بالنظري المقدس .
وهو خطأ وقع فيه كثير من القرون السابقة .
فمن تطبيقات الصحابة بمختلف طبقاتهم ودرجاتهم للشريعة الى الملوك والأمراء والسلاطين الى تطبيقات العلماء والفقهاء عبر أربعة عشر قرنا ، أي منها نقتبس ونحتذي ، فهل تقتدي مثلا بمن أجاز حرق البيوت على المخالفين ، أو قطع رؤوس المخالفين للحكم ؟
أو قتل الإخوة والأقارب حفاظا على تماسك الدولة الاسلامية ؟
أو تكفير للمخالفين في المذاهب العقائدية والعملية ؟

ثالثا : تطبيق المحكومين للشريعة :

تطبيق الأفراد من العامة أو الخاصة، للشريعة الاسلامية ، يصدق فيهم قول الله عز وجل، يأمرون الناس بالبرِّ وينسون أنفسهم ، فيأمرون الحكَّام ويطالبوهم بتطبيق الشريعة وينسون أنفسهم :
فهم يأخذون الهدايا والرشا لأجل مناصبهم، ويشهدون الزور ، ويظلمون في الميراث ، ويغتابون الناس ، ويقتلون ظلما وعدوانا ، ويقطعون الأرحام ،ويأكلون مهور وحقوق الزوجات، ويغشون في البيع والميزان، ويكتمون العلم ، ويستكبرون على الناس .

الصراع بين رجال الدين ، والحكّام ،  أزلي :

هو صراع الى أن يرث الله الأرض وما عليها ،
فتارة يستحوذ الملوك على رجال الدين ويُستخدم الدين لسلطان الملك ، كما هو حال الخلافة الاسلامية في الدولة الأموية والعباسية والفاطمية .
وتارة أخرى، يسيطر رجال الدين على الملوك كسيطرة رجال الكنيسة في العصور الوسطى في أوربا .
وتارة يُعْزل الدين عن الحكم منفيا الى دور العبادة .
والضحية هو دين وشرع الله ، وأحوال العباد في الأرض .
والله المستعان.
..
تعليقات