حديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره

 

ايذاء الجار .

النبهان في شرح ما اتفق عليه الشيخان:


شرح حديث (11- باب الوصية بالجار)


الوصية بالجيران :

وصية الله عز وجل:

سورة النساء الآية 36 وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ

وصية الرسول " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره:

الحديث رقم (18) أبي هريرة :

قال البخاري حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ،
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ،
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"

وأخرجه مسلم في باب تحريم ايذاء الجار :

قال : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيسْكُتْ".

حديث ابن عمر بن الخطاب : مازال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه :


حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،وعائشة (19-20)  قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
" مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ " .

قال البخاري حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ"

قال البخاري حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ"

قال مسلم : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عَمْرَةَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ، تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:
"مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَيُوَرِّثَنَّهُ".

وقال مسلم حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»

شرح الأحاديث :

قوله " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" : 

 المراد بقوله يؤمن الإيمان الكامل ، وخصه بالله واليوم الآخر إشارة إلى المبدأ والمعاد أي من آمن بالله الذي خلقه وآمن بأنه سيجازيه بعمله فليفعل الخصال المذكورات .

قوله "فلا يؤذ جاره "

 في حديث أبي شريح فليكرم جاره
وقد أخرج مسلم حديث أبي هريرة من طريق الأعمش عن أبي صالح بلفظ "فليحسن إلى جاره".
وقد ورد تفسير الإكرام والإحسان للجار وترك أذاه في عدة أحاديث/ أخرجها الطبراني من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأبو الشيخ في كتاب التوبيخ من حديث معاذ بن جبل:
قالوا يا رسول الله ما حق الجار على الجار؟
قال إن استقرضك أقرضته وإن استعانك أعنته وإن مرض عدته وإن احتاج أعطيته وإن افتقر عدت عليه وإن أصابه خير هنيته وإن أصابته مصيبة عزيته وإذا مات اتبعت جنازته ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ولا تؤذيه بريح قدرك إلا أن تغرف له وإن اشتريت فاكهة فأهد له وإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده .
وألفاظهم متقاربة والسياق أكثره لعمرو بن شعيب وفي حديث بهز بن حكيم وإن أعوز سترته.
وأسانيدهم واهية لكن اختلاف مخارجها يشعر بأن للحديث أصلا.
ثم الأمر بالإكرام يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فقد يكون فرض عين، وقد يكون فرض كفاية، وقد يكون مستحبا،
ويجمع الجميع أنه من مكارم الأخلاق .

قوله" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"

زاد في حديث أبي شريح "جائزته"
قال: وما جائزته يا رسول الله؟
قال :يوم وليلة .والضيافة ثلاثة أيام الحديث .

وقال القرطبي : ولما أكد جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم حق الجوار، وكثر عليه من ذلك، غلب على ظن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيحكم بالميراث بين الجارين. وهذا يدلّ على أن هذا الجار هنا هو جار الدار، لأنَّ الجار بالعهد قد كان من أول الإسلام يرث، ثم نسخ ذلك، كما تقدَّم، فإن كان هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، فقد كان التوارث مشروعا، فمشروعيته واقعة محققة غير منتظرة، ولا مظنونة، وإن كان بعد ذلك فرفع ذلك الحكم ونسخه محقق، فكيف تظن مشروعيته؟ ! فتعين أن المراد بالجوار في هذا الحديث هو جوار الدار، والله تعالى أعلم .

(باب حق الجوار في قرب الأبواب)

ذكر فيه حديث عائشة :
" قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟
قال إلى أقربهما منك بابا .
قوله "أقربهما" أي أشدهما قربا " .
قيل :الحكمة فيه أن الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيتشوف لها بخلاف الأبعد،
وأن الأقرب أسرع إجابة لما يقع لجاره من المهمات ولا سيما في أوقات الغفلة .
وقال بن أبي جمرة :الإهداء إلى الأقرب مندوب لأن الهدية في الأصل ليست واجبة فلا يكون الترتيب فيها واجبا،
ويؤخذ من الحديث أن الأخذ في العمل بما هو أعلى أولى،
وفيه تقديم العلم على العمل،
واختلف في حد الجوار : فجاء عن علي رضي الله عنه من سمع النداء فهو جار،
وقيل :من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار،
وعن عائشة :حد الجوار أربعون دارا من كل جانب ،وعن الأوزاعي مثله ،
وأخرج البخاري في الأدب المفرد مثله عن الحسن وللطبراني بسند ضعيف عن كعب بن مالك مرفوعا: "ألا إن أربعين دارا جار",

يَا أَبَا ذَرٍّ! إِذَا طَبَختَ مَرَقَةً فَأَكثِر مَاءَهَا، وَتَعَاهَد جِيرَانَكَ:

أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي ذر .

لا يدخل الجنّة من لا يأمن جاره بوائقه :

في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " 
قال الامام النووي : الجارُ هنا: يصلُحُ للمجاوِرِ لك في مسكنك، ويصلُحُ للداخل في جوارك وحُرمتك؛ إذ كلُّ واحد منهما يجبُ الوفاءُ بحقه، وتحرمُ أَذِيَّتُهُ تحريمًا أشدَّ من تحريم أذى المسلمين مطلقًا.
والبوائق: جمعُ بائقة، وهي الداهيةُ التي تُوبِقُ صاحبها؛ أي: تهلِكه .
فمَن كان مع هذا التأكيد الشديد مُضِرًّا لجاره، كاشفًا لعوراته، حريصًا على إنزالِ البوائِقِ به؛ كان ذلك منه دليلاً؛ إمَّا على فسادِ اعتقادٍ ونفاق، فيكونُ كافرًا، ولا شك في أنه لا يدخُلُ الجنة.
وإمَّا على استهانةٍ بما عظَّم اللهُ تعالى مِن حرمةِ الجار، ومِن تأكيدِ عهدِ الجوار، فيكونُ فاسقًا فِسقًا عظيمًا، ومرتكبَ كبيرةٍ، يُخَافُ عليه من الإصرار عليها أن يُختَمَ عليه بالكفر؛ فإنَّ المعاصيَ بريدُ الكُفر، فيكونُ من الصِّنفِ الأول، وإن سَلِمَ من ذلك، ومات غيرَ تائب، فأمرُهُ إلى الله تعالى، فإن عَاقَبَهُ بدخول النار، لم يدخُلِ الجَنَّةَ حين يدخلُهَا مَن لم يكن كذلك، أو لا يدخُلُ الجنَّةَ المعدَّةَ لمن قام بحقوق جاره. وعلى هذا القانون ينبغي أن يحمَلَ ما في هذا الباب مما قالَ فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ فاعله لا يدخُلُ الجنّة، مما ليس بشركٍ؛ للأدلَّةِ المتقدِّمة، ولِمَا يأتي في أحاديث الشفاعة.

تعليقات