وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن

وعاشروهن بالمعروف .



معاملة الزوجة في الاسلام : 

حسن معاشرة الزوجة الغير محبوية :

حديثنا ليس في حسن معاشرة الزوجة المحبوبة أو الحسنة الخلق فحسب ،
فهذه من البديهيات والفطرة ولا يخرقها سوى الفُسّاق أو المجانين،
لكن حديثنا في هذا المقال في حسن معاشرة الزوجة السيئة الخلق أو التي لا يحبها زوجها .
وكراهية الزوجة يكون إما لدمامة أو سوء خلق .

وليس مع كل ذنب أو غلط ترتكبه الزوجة يقوم الزوج بعقابها والحساب ،
فكما أن الزوج يحب أن يعفو الله عن سيئاته وهذا يحدث كثيرا من الله عز وجل ، فكذلك على الزوج أن يعفو عن أخطاء وأغلاط الزوجة .

تفسير الاية الكريمة " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "

سورة النساء الآية 19 ,

قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)
قال الامام شمس الدين القرطبي " ت 671هـ" :
أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة. والخطاب للجميع، إذ لكل أحد عِشْرة، زوجاً كان أو ولياً،
ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: فإمساك بمعروف)
وذلك توفية حقها من المهر والنفقة،
وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقا في القول لا فظا ولا غليظا ولا مظهرا ميلا إلى غيرها.

والعشرة: المخالطة والممازجة. وعاشره معاشرة، وتعاشر القوم واعتشروا.
فأمر الله سبحانه بحسن صحبة النساء إذا عقدوا عليهن لتكون أدمة ما بينهم وصحبتهم على الكمال، فإنه أهدأ للنفس وأهنأ للعيش.
وهذا واجب على الزوج ولا يلزمه في القضاء.
وقال بعضهم: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. وقال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي: أتيت محمد ابن الحنفية فخرج إلي في ملحفة حمراء ولحيته تقطر من الغالية ، فقلت: ما هذا ؟
قال: إن هذه الملحفة ألقتها علي امرأتي ودهنتني بالطيب، وإنهن يشتهين مناما نشتهيه منهن.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين المرأة لي. وهذا داخل فيما ذكرناه.
قال ابن عطية: وإلى معنى الآية ينظر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فاستمتع بها وفيها عوج) أي لا يكن منك سوء عشرة مع اعوجاجها، فعنها تنشأ المخالفة وبها يقع الشقاق، وهو سبب الخلع.


تفسير قوله تعالى: (فإن كرهتموهن)
 أي لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نشوز، فهذا يندب فيه إلى الاحتمال، فعسى أن يؤول الأمر إلى أن يرزق الله منها أولادا صالحين.
ومن هذا المعنى ما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر)
المعنى: أي لا يبغضها بغضا كليا يحمله على فراقها. أي لا ينبغي له ذلك بل يغفر سيئتها لحسنتها ويتغاضى عما يكره لما يحب.
وقال مكحول: سمعت ابن عمر يقول: إن الرجل ليستخير الله تعالى فيخار له، فيسخط على ربه عز وجل فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له.
وذكر ابن العربي قال أخبرني أبو القاسم بن حبيب بالمهدية، عن أبي القاسم السيوري عن أبي بكر بن عبد الرحمن حيث قال: كان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد من العلم والدين في المنزلة والمعرفة. وكانت له زوجة سيئة العشرة وكانت تقصر في حقوقه وتؤذيه بلسانها،
فيقال له في أمرها ويعذل بالصبر عليها،
فكان يقول: أنا رجل قد أكمل الله علي النعمة في صحة بدني ومعرفتي وما ملكت يميني، فلعلها بعثت عقوبة على ذنبي فأخاف إن فارقتها أن تنزل بي عقوبة هي أشد منها.
قال علماؤنا: في هذا دليل على كراهة الطلاق مع الإباحة.
وقال أبو جعفر الطبري: يعني جل ثناؤه بقوله:"وعاشروهن بالمعروف"،
 وخالقوا، أيها الرجال، نساءكم وصاحبوهن ="بالمعروف"، يعني بما أمرتكم به من المصاحبة، وذلك: إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهنّ عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهنّ بإحسان.

قوله: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ) يعني بذلك تعالى ذكره: لا تعضلوا نساءكم لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من غير ريبة ولا نشوز كان منهن،
ولكن عاشروهن بالمعروف وإن كرهتموهن، فلعلكم أن تكرهوهن فتمسكوهن، فيجعل الله لكم ، في إمساككم إياهن على كُره منكم لهن/ خيرًا كثيرًا، من ولد يرزقكم منهن، أو عطفكم عليهن بعد كراهتكم إياهن.

أهم مظاهر حسن معاشرة الزوجة التى تتصل بإحساسها وشعورها :

قال الشيخ عطية صقر في أحد فتاويه :

1 - صون اللسان عن رميها بالعيوب التى تكره أن تعاب بها ،

 سواء أكانت خِلقية لا تملك من أمر تغييرها شينا كدمامة وقصر، أم كانت خُلقية لها دخل فيها كتباطؤ فى إنجاز العمل ، أو ثرثرة كثيرة ، فالله نهى بوجه عام عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب والسباب ،
والنبى صلى الله عليه وسلم قال فيما يخص المرأة ، كما رواه أبو داود بإسناد حسن
"ولا تضرب الوجه ولا تقبح "
أى لا تقل لها : قبَّحك الله ،
 يقول الحافظ المنذرى بعد ذكر هذا الحديث : أى لا تسمعها المكروه ولا تشتمها ولا تقل قبحك الله .

2 - ومع عدم رميها بالعيوب ، لا ينبغى الاشمئزاز وإظهار النفور منها ، 

ولتكن النظرة إليها بعينين لا بعين واحدة ، فكما أن فيها عيوبا فيها محاسن ينبغى ألا تغفل وتنسى، والله سبحانه يقول {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} النساء : 19 ، والحديث يقول كما رواه مسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقا رضى منها آخر" 
ويعجبنى فى هذا المقام ما جاء فى "الأحكام السلطانية للماوردى" أن عمر بن الخطاب رأى رجلا يطوف حول الكعبة وعلى عاتقه امرأة حسناء، وهو يقول :
عُدْت لهذى جملا ذلولا * مُوطَّأً أتبع السهولا أعدلها بالكف أن تميل * أحذر أن تسقط أو تميلا أرجو بذاك نائلا جزيلا 
فقال له : من هذه التى وهبت لها حجك ؟
 فقال : امرأتى يا أمير المؤمنين ، وإنها حمقاء مرغامة ، أكول قمامة ، لا يبقى لها خامة .
 فقال له : لم لا تطلقها ؟ 
 قال : إنها حسناء لا تُفْرَك ، وأم صبيان لا تُترك .
قال : فشأنك بها .

3 - عدم ذكر محاسن غيرها من النساء أمامها بقصد إغاظتها ، 

فليس أقتل لشعور المرأة من ذلك وبخاصة إذا كانت هذه المرأة ضرتها أو جارتها أو لزوجها صلة بها أيا كانت هذه الصلة اللهم إلا إذا كان يقصد بمدح غيرها تأديبها وتوجيهها لتكون مثلها . روى البخارى ومسلم عن عائشة قالت :

ما غرت على أحد من نساء النبى صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها قط ، ولكن كان يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها فى صدائق خديجة فربما قلت له : كأن لم يكن فى الدنيا امرأة إلا خديجة ، فيقول : إنها كانت وكانت. . . . وكان لى منها ولد" .

4 - حفظ أسرارها وبخاصة ما يكون من الأمور الداخلية التى لا يعرفها إلا زوجها . 

يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفض إليه ثم ينشر سرها" . 
أراد بعض الصالحين أن يطلق امرأته فقيل له : ما الذى يريبك منها؟
 فقال : العاقل لا يهتك ستر امرأته . 
فلما طلقها قيل له : لم طلقتها؟ 
فقال : ما لى ولامرأة غيرى ؟(الإحياء ج 2 ص 52) 

5 -نداؤها بلفظ يشعر بكرامتها مثل : يا أم فلان ، والعرف مختلف فى ذلك .

6 -إلقاء السلام عليها عند دخول البيت ، لإيناسها واطمئنانها ،

 ففى حديث الترمذى وصححه "يا بنى ، إذا دخلت على أهلك فسلِّم يكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك "


قلت.7- شكر خدمتها البيت 

أضفت ذلك لأن بعض الأزواج يشكون من تقصير الزوجة في بعض شئون البيت من اعداد الطعام وخدمة أثاث البيت وتربية الأطفال،
واقول لهم : ليس لكم الشكوى فأغلب الفقهاء يقول بوجوب وجود خادم للزوجة ،
اذن على الأزواج أخذ ما تقدمه الزوجة من خدمة وهم راضيين شاكرين .









تعليقات