أسماء النبي ومعانيها

 

مجمد رسول الله .


أسماء النبي محمد وصفاته :

أسماء النبي في القرآن :

1.محمد .

من سور القرآن سورة باسمه صلى الله عليه وسلم :
سورة محمد قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) الاية 2

قال (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) آل عمران 144
قال تعالى (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب 40
وقال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح 29

2.أحمد :

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف 6

3. رسول الله .

4. النبي .

قال تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ )

5. الشاهد 6.المبشر 7.النذير :

قال تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) الأحزاب 45 .
وقال تعالى (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) الحجر 89 .

8.داعي الله :

قال تعالى (يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ ) الأحقاف 30

9. .السراج المنير :

قال تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) الأحزاب 46

10.رؤوف . 11.رحيم

قال تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة 128 .

11.صاحب المقام المحمود

قال تعالى " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا " الاسراء

12.الرحمة

قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء 107

أسماء النبي في السنّة الصحيحة :

13. أبو القاسم

حديث أبي هريرة المتفق عليه : عن محمد بن زياد سمعت أبا هريرة، وكان يمر بنا والناس يتوضئون من المطهرة، قال: أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: «ويل للأعقاب من النار"

وفي صحيح البخاري : عن أنس رضي الله عنه، قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه،
فقال له: " أسلم " ،
فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم،
فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " الحمد لله الذي أنقذه من النار " .

14.الماحي 15.الحاشر 16. العاقب :

عن جبير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِي أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ".
أخرجه البخاري ومسلم .
وأخرجه الترمذي وفيه " وَأَنَا العَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ " .وقال : وَفِي البَابِ عَنْ حُذَيْفَةَ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وفي رواية لمسلم : " وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللهُ رَءُوفًا رَحِيمًا "

17.المقفى 18.نبي التوبة 19 .نبي الرحمة :

عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي لَنَا نَفسَهُ أَسمَاءً فَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحمَدُ وَالمُقَفِّي وَالحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحمَةِ.
رواه أحمد ومسلم في باب أسمائه صلى الله عليه وسلم "كتاب الفضائل" .

20.الصادق المصدوق :

في صحيح البخاري الصحابة كانوا يسمونه صلى الله عليه وسلم ، عن ابي هريرة : "والذي نفس أبي هريرة بيده، عن قول الصادق المصدوق " .
عن عبد الله بن مسعود: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، قال: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما" الحديث متفق عليه .

21.الأمين :

في حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أَلَا تَأْمَنُونِي؟ وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً "
وفي السيرة النبوية : قصة نقل الحجر الأسود " حتى سماه قومه الأمين " وفي مسند أحمد : "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا :أتاكم الأمين" ومثله كثير.

22. المتوكل :

فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُهُ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) 
قال تعالى (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) هود  (123) 

شرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

محمد وأحمد :

قال ابن القيم : أَمَّا مُحَمَّدٌ، فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ حَمِدَ فَهُوَ مُحَمَّدٌ، إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْخِصَالِ الَّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ أَبْلَغَ مِنْ مَحْمُودٍ،
فَإِنَّ مَحْمُودًا مِنَ الثَّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ، وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْمُضَاعَفِ لِلْمُبَالَغَةِ، فَهُوَ الَّذِي يُحْمَدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُحْمَدُ غَيْرُهُ مِنَ الْبَشَرِ، وَلِهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - سُمِّيَ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ لِكَثْرَةِ الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا هُوَ وَدِينُهُ وَأُمَّتُهُ فِي التَّوْرَاةِ، حَتَّى تَمَنَّى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ
وَأَمَّا أَحْمَدُ، فَهُوَ اسْمٌ عَلَى زِنَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مُشْتَقٌّ أَيْضًا مِنَ الْحَمْدِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ؟
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، أَيْ حَمْدُهُ لِلَّهِ أَكْثَرُ مِنْ حَمْدِ غَيْرِهِ لَهُ، فَمَعْنَاهُ: أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ لِرَبِّهِ

وَنَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، وَقَالُوا: يَجُوزُ صَوْغُهُمَا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ، وَمِنَ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ، وَكَثْرَةُ السَّمَاعِ بِهِ مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلَّةِ عَلَى جَوَازِهِ،
تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَشْغَلَهُ بِالشَّيْءِ، وَهُوَ مِنْ شُغِلَ فَهُوَ مَشْغُولٌ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ مَا أَوْلَعَهُ بِكَذَا، وَهُوَ مِنْ أُولِعَ بِالشَّيْءِ فَهُوَ مُولَعٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ لَيْسَ إِلَّا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: مَا أَعْجَبَهُ بِكَذَا، فَهُوَ مِنْ أُعْجِبَ بِهِ، وَيَقُولُونَ مَا أَحَبَّهُ إِلَيَّ فَهُوَ تَعَجُّبٌ مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ، وَكَوْنِهِ مَحْبُوبًا لَكُ، وَكَذَا: مَا أَبْغَضَهُ إِلَيَّ، وَأَمْقَتَهُ إِلَيَّ.

وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ ذَكَرَهَا سِيبَوَيْهِ، وَهِيَ أَنَّكَ تَقُولُ: مَا أَبْغَضَنِي لَهُ، وَمَا أَحَبَّنِي لَهُ، وَمَا أَمْقَتَنِي لَهُ: إِذَا كُنْتَ أَنْتَ الْمُبْغِضَ الْكَارِهَ، وَالْمُحِبَّ الْمَاقِتَ، فَتَكُونُ مُتَعَجِّبًا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ، وَتَقُولُ: مَا أَبْغَضنِي إِلَيْهِ، وَمَا أَمْقَتَنِي إِلَيْهِ، وَمَا أَحَبَّنِي إِلَيْهِ: إِذَا كُنْتَ أَنْتَ الْبَغِيضُ الْمَمْقُوتُ، أَوِ الْمَحْبُوبُ، فَتَكُونُ مُتَعَجِّبًا مِنَ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ عَلَى الْمَفْعُولِ، فَمَا كَانَ بِاللَّامِ فَهُوَ لِلْفَاعِلِ، وَمَا كَانَ بِـ " إِلَى " فَهُوَ لِلْمَفْعُولِ.

فَنَقُولُ: تَقْدِيرُ أَحْمَدَ عَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِينَ: أَحْمَدُ النَّاسِ لِرَبِّهِ،
وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ: أَحَقُّ النَّاسِ وَأَوْلَاهُمْ بِأَنْ يُحْمَدَ، فَيَكُونُ كَمُحَمَّدٍ فِي الْمَعْنَى، إِلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ " مُحَمَّدًا " هُوَ كَثِيرُ الْخِصَالِ الَّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا،
وَ" أَحْمَدُ " هُوَ الَّذِي يُحْمَدُ أَفْضَلَ مِمَّا يُحْمَدُ غَيْرُهُ، فَمُحَمَّدٌ فِي الْكَثْرَةِ وَالْكَمِّيَّةِ، وَأَحْمَدُ فِي الصِّفَةِ وَالْكَيْفِيَّةِ،
فَيَسْتَحِقُّ مِنَ الْحَمْدِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ، وَأَفْضَلَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ، فَيُحْمَدُ أَكْثَرَ حَمْدٍ وَأَفْضَلَ حَمْدٍ حَمِدَهُ الْبَشَرُ.
فَالِاسْمَانِ وَاقِعَانِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي مَدْحِهِ وَأَكْمَلُ مَعْنًى. وَلَوْ أُرِيدَ مَعْنَى الْفَاعِلِ لَسُمِّيَ الْحَمَّادَ، أَيْ كَثِيرَ الْحَمْدِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ الْخَلْقِ حَمْدًا لِرَبِّهِ، فَلَوْ كَانَ اسْمُهُ أَحْمَدَ بِاعْتِبَارِ حَمْدِهِ لِرَبِّهِ لَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ الْحَمَّادَ كَمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ أُمَّتُهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ إِنَّمَا اشْتُقَّا مِنْ أَخْلَاقِهِ وَخَصَائِصِهِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَأَحْمَدُ وَهُوَ الَّذِي يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ الدُّنْيَا وَأَهْلُ الْآخِرَةُ؛ لِكَثْرَةِ خَصَائِلِهِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي تَفُوقُ عَدَّ الْعَادِّينَ وَإِحْصَاءَ الْمُحْصِينَ.

قال القرطبي في المفهم :
قوله (أنا محمد، وأنا أحمد) كلاهما مأخوذ من الحمد، فمحمَّد: مُفَعّل من حَمَّدت الرجل مشددًا: إذا نسبت الحمد إليه، كما يقال: شجَّعت الرجل، وبخَّلته: إذا نسبت ذلك إليه، فهو بمعنى المحمود. والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحق الخلق بهذا الاسم، فإنَّ الله تعالى قد حمده بما لم يحمد به أحدًا من الخلق، وأعطاه من المحامد ما لم يعط مثله أحدًا من الخلق،
 ويلهمه يوم القيامة من محامده ما لم يلهمه أحدًا من الخلق،
وقد حمده أهل السماوات والأرض والدنيا والآخرة، حمدًا لم يحمد به أحدا من الخلق،
فهو أحمد المحمودِين، وأحمد الحامدِين.

وَأَمَّا اسْمُهُ الْمُتَوَكِّلُ:

وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فِي إِقَامَةِ الدِّينِ تَوَكُّلًا لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهِ غَيْرُهُ.
وَأَمَّا الْمَاحِي، وَالْحَاشِرُ، وَالْمُقَفِّي، وَالْعَاقِبُ: فَقَدْ فُسِّرَتْ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،
فَالْمَاحِي: هُوَ الَّذِي مَحَا اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ، وَلَمْ يَمْحُ الْكُفْرَ بِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ مَا مُحِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ بُعِثَ وَأَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ كُفَّارٌ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمْ مَا بَيْنَ عُبَّادِ أَوْثَانٍ وَيَهُودَ مَغْضُوبٍ عَلَيْهِمْ وَنَصَارَى ضَالِّينَ وَصَابِئَةٍ دَهْرِيَّةٍ لَا يَعْرِفُونَ رَبًّا وَلَا مَعَادًا، وَبَيْنَ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ، وَعُبَّادِ النَّارِ، وَفَلَاسِفَةٍ لَا يَعْرِفُونَ شَرَائِعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يُقِرُّونَ بِهَا، فَمَحَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِرَسُولِهِ ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَ دِينُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ دِينٍ، وَبَلَغَ دِينُهُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَسَارَتْ دَعْوَتُهُ مَسِيرَ الشَّمْسِ فِي الْأَقْطَارِ.
وفي فتح الباري قيل : وأنا الماحي فإن الله يمحو به سيئات من اتبعه .

قال النووي في شرح مسلم : (وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر) قال العلماء: المراد محو الكفر من مكة والمدينة وسائر بلاد العرب ومازوى له صلى الله عليه وسلم من الأرض ووعد أن يبلغه ملك أمته ، قالوا ويحتمل أن المراد المحو العام بمعنى الظهور بالحجة والغلبة .

وَأَمَّا الْحَاشِرُ: فَالْحَشْرُ هُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، فَهُوَ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِهِ، فَكَأَنَّهُ بُعِثَ لِيُحْشَرَ النَّاسُ،
وعلى قدمي أي على أثري .
قال القرطبي : وهذا كما قال: بعثت أنا والساعة كهاتين وقرن بين أصبعيه: السبابة والوسطى .

وَالْعَاقِبُ: الَّذِي جَاءَ عَقِبَ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ، فَإِنَّ الْعَاقِبَ هُوَ الْآخِرُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَاتَمِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ الْعَاقِبَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَيْ: عَقِبَ الْأَنْبِيَاءَ جَاءَ بِعَقِبِهِمْ.

وَأَمَّا الْمُقَفِّي : وَهُوَ الَّذِي قَفَّى عَلَى آثَارِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، فَقَفَّى اللَّهُ بِهِ عَلَى آثَارِ مَنْ سَبَقَهُ مِنَ الرُّسُلِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْقَفْوِ، يُقَالُ: قَفَاهُ يَقْفُوهُ: إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، وَمِنْهُ: قَافِيَةُ الرَّأْسِ، وَقَافِيَةُ الْبَيْتِ، فَالْمُقَفِّي: الَّذِي قَفَّى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ فَكَانَ خَاتَمَهُمْ وَآخِرَهُمْ.
قال ابن الأنباري: المقفي: المتَّبع للنبيين قبله، يقال: قَفَوتُه، أَقفُوه، وقَفَيتُه: إذا تبعته، ومثله: قُفتُه، أقُوفُه، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّينَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّينَا بِعِيسَى ابنِ مَريَمَ}، {وَلا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ} وقافية كل شيء: آخره

وَأَمَّا نَبِيُّ التَّوْبَةِ: فَهُوَ الَّذِي فَتَحَ اللَّهُ بِهِ بَابَ التَّوْبَةِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ تَوْبَةً لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ قَبْلَهُ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ النَّاسِ اسْتِغْفَارًا وَتَوْبَةً، حَتَّى كَانُوا يَعُدُّونَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: ( «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ» ) .

وَكَانَ يَقُولُ: ( «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ رَبِّكُمْ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» ) ، وَكَذَلِكَ تَوْبَةُ أُمَّتِهِ أَكْمَلُ مِنْ تَوْبَةِ سَائِرِ الْأُمَمِ وَأَسْرَعُ قَبُولًا وَأَسْهَلُ تَنَاوُلًا، وَكَانَتْ تَوْبَةُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَصْعَبِ الْأَشْيَاءِ، حَتَّى كَانَ مِنْ تَوْبَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ قَتْلُ أَنْفُسِهِمْ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ فَلِكَرَامَتِهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى جَعَلَ تَوْبَتَهَا النَّدَمَ وَالْإِقْلَاعَ.

وَأَمَّا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ: فَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَرُحِمَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَنَالُوا النَّصِيبَ الْأَوْفَرَ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَأَهْلُ الْكِتَابِ مِنْهُمْ عَاشُوا فِي ظِلِّهِ وَتَحْتَ حَبْلِهِ وَعَهْدِهِ، وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ هُوَ وَأُمَّتُهُ فَإِنَّهُمْ عَجَّلُوا بِهِ إِلَى النَّارِ وَأَرَاحُوهُ مِنَ الْحَيَاةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي لَا يَزْدَادُ بِهَا إِلَّا شِدَّةَ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ.

قال القرطبي :وفي رواية أخرى: المرحمة وفي أخرى: الملحمة فأمَّا الرحمة، والمرحمة فكلاهما بمعنى واحد، وقد تقدَّم أن الرحمة إفاضة النعم على المحتاجين، والشفقة عليهم، واللطف بهم، وقد أعطى الله نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمته منها ما لم يُعطِه أحدًا من العالمين، ويكفي من ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ} فهو أعظم كل رحمة، وأمته القابلة لما جاء به قد حصلت على أعظم حظ من هذه الرحمة، وشفاعته يوم القيامة لأهل الموقف أعمُّ كل رحمة، ولأهل الكبائر أجل كل نعمة، وخاتمة ذلك شفاعته في ترفيع منازل أهل الجنة.

وَأَمَّا الْأَمِينُ : فَهُوَ أَحَقُّ الْعَالَمِينَ بِهَذَا الِاسْمِ، فَهُوَ أَمِينُ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ وَدِينِهِ، وَهُوَ أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، وَأَمِينُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَلِهَذَا كَانُوا يُسَمُّونَهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ الْأَمِينَ.

وَأَمَّا الْبَشِيرُ: فَهُوَ الْمُبَشِّرُ لِمَنْ أَطَاعَهُ بِالثَّوَابِ، وَالنَّذِيرُ الْمُنْذِرُ لِمَنْ عَصَاهُ بِالْعِقَابِ.
وَسَمَّاهُ اللَّهُ سِرَاجًا مُنِيرًا، وَسَمَّى الشَّمْسَ سِرَاجًا وَهَّاجًا.
وَالْمُنِيرُ: هُوَ الَّذِي يُنِيرُ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاقٍ، بِخِلَافِ الْوَهَّاجِ فَإِنَّ فِيهِ نَوْعُ إِحْرَاقٍ وَتَوَهُّجٍ.

تضعيف اسمائه " الضحوك القتال " :
عن الشيخ أبي عبد الرحمن قيس الخياري

قال : " لا يصحّ وصف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بـ ( الضّحوك القتّال ) لا من جهة النّظر ولا من جهة الأثر :

*
أمّا من جهة النّظر ؛ فإنّ ( الضّحوك ) صيغة مبالغة تدلّ على كثرة وقوع الفعل من فاعله و شدة اتصافه به وهذا مخالف للواقع ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : " كثرة الضحك تميت القلب" ، فكيف يُقال مع ذلك أنّه كان ضحوكا ؟؟؟

وكذلك ( القتّال ) هي صيغة مبالغة من القتل ؛ وهو صلى الله عليه وسلم لم يكن قاتلا بلْهَ أن يكون ( قتّالا ) بل أغلب ما تستعمل صيغة "فعّال" في الحرَف كحداد وحذاء وفخار ونجار ؛ ومن ذلك ( قتّال ) أيضًا ، فهي توهم بأنّه كان يحترف القتل ،
فما أكذب ذلك وأخبثه في حقه صلى الله عليه وسلّم فإنّه لم يقتل بيده الشريفة أحدا قط إلا أبيّ بن خلف وحده
..
بل لم يكن يُضمر أو يُريد لأحد بقلبه الشرّ أو القتل ابتداءً ولو أن يكون ممّن قاتله ، وإنّما هو كما وصفه الله تعالى (( رحمة للعالمين)) و (( بالمؤمنين رؤوف رحيم )) .
ولو قال كافرٌ به صلى الله عليه وسلّم أنّه صلى الله عليه وسلّم كان قاتلا أو قتّالا لعُدّ ذلك هجاءً لا يُصبر عليه ، فكيف يصفه بذلك مسلم مؤمن به إلا عن جهل بسيرته أو غفلة عن معنى ما يقول ؟؟؟
وقد ذكر بعض أهل العلم كابن القيّم وابن كثير هذين الاسمين في أسمائه لتوهّم صحّة الحديث بذلك أو عدم بطلانه سندًا ومعنى والحقّ أنّه بلفظ : " أنا الضّحوك القتّال "

باطل لا أصل له ، 

وإنّما أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره ـ ومن طريقه أحمد بن فارس في أسماء رسول الله ومعانيها ص 31 ـ عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس،
وعن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : اسمه في التوراة أحمد الضحوك القتال
...
وهذا سندٌ واه جدّا مع وقفه :
ـ فعبد الغنيّ هذا هو أحد الضعفاء المتروكين كما قال الحافظ في"الإصابة" (1/ 476) وغيره .
ـ وشيخه موسى بن عبد الرحمن : ذكره ابن حبان في "المجروحين"(2/ 242): « وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتابًا في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان ؛ وألزقه بـ( ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس )، ولم يحدث به ابن عباس ! ولا عطاء سمعه ! ولا ابن جريج سمع من عطاء ! ... لا تحل الرواية عن هذا الشيخ ، ولا النظر في كتابه إلا على سبيل الاعتبار.انتهى

..
تعليقات