العلماء العزاب |
مختصر العلماء العُزّاب الذين آثروا العِلْم على الزواج .
تقدمة :
أما بعد، فهذا مختصر لكتاب " العلماء العزاب الذين آثروا العِلْمَ على الزواج " ، تأليف : عبد الفتاح أبو غدة ، وهو شيخ سوري توفى سنة 1997 ميلادية .
أقول: أن حياة العزوبية توافق مع من لم تنازعه الشهوات ، وهي أفضل لأصحاب الرسالات والعلماء والمفكرين والأدباء والساسة والأبطال ،
حيث الحياة الزوجية مليئة بالمشكلات والمعضلات والأزمات ،
والمسئوليات نحو الزوجة والعيال ، وتمثل ضغوطات تقود للتنازلات بمختلف انواعها.
وودت أنا شخصيا أن أكون في زمرة الذين آثروا العلم والرسالة على الزواج .
ولايلزم طالب العلم المساهمة في تكاثر الانسانية ، لمكانته وفضله رغم أهمية بقاء النوع الانساني فقد كفاه اهتمام الآخرين من الناس بذلك فطرةً وشهوةً وتشمريهم وقيامهم له ،
وحيث قال الله تعالى رغم مكانة وفضل الجهاد في سبيل الله :
" وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً " التوبة 122 ،
فكذلك الزواج ، فما كان للجميع الدخول فيه، فلولا نفر من كل فرقة من الناس لطلب العلم -بكل أنواعه ومجالاته- والتبتل له .
لماذا كتاب " عبد الفتاح أبو غدة " ؟ :
يقول المؤلف : فهذا موضوع طريف ومبحث منيف تحدثت فيه عن العلماء العزّاب ، الذين آثروا العلم على الزواج ، لم أقف على مَنْ دوّن فيه شيئا من قبل ، فرأيت أن اكتب فيه هذه الكلمات .واقتصرت فيه على ذكر أكابر ائمة العلم والدين من المفسرين والقراء والمحدثين والفقهاء والقضاة والمفتين والأدباء والمؤرخين والنحاة واللغويين والزهاد والعبّاد ممن عرف فضلهم واشتهر علمهم ووهبوا حياتهم كلها للعلم وعاشوا له عزابا متفرغين،
وحرموا أنفسهم من أغلى متع الحياة المشروعة : متع الزواج والنسل والأولاد، بغية الازدياد من العلم وخدمة الدين ونفع المسلمين .
وأردت من جمع هذه الصفحات وكتابة هذه الكلمات أن يدرك شبابنا اليوم ، غلاء العلم عند الآباء والأجداد ، وشدة تعلقهم به وفنائهم فيه وعظيم ايثارهم له من أنس الحياة وتلبية الاحتياج الفطري .
عزوبة العلماء :
يقول أبو غدة : الزواج في الاسلام مرغّب فيه أتم الترغيب ومحضوض عليه آكد الحض ، إلى جانب انه أمر فطري مركوز في الطبيعة الانسانية يسعى اليه الانسان بدافع الفطرة وهو شطر هام كبير من الحاجة الأصلية في هذه الحياة ومحقق اكتمال الذات وانشاء الذرية وبقاء النسل والنوع الانساني وعمارة الكون .وقد أمر الشرع الحنيف به أمرا أكيدا لمن خشي العنت والزنى وعدّه بعض الائمة الفقهاء من قسم العبادات لما يترتب عليه من استمرار النسل الصالح في الوجود ، وتلقيه الاسلام عن الآباء وتبلغه إلى الأبناء وهكذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ولما له من آثار طيبة على سلوك الانسان في طهره وعفافه وكمال دينه واستقرار نفسه ، وسلامة خواطره ، فإن غريزة الشهوة اذا استيقظت في الانسان العزب شتت عليه الفكر والرأي ، وأقلقت منه العين والنفس وقد تزحزحه عن الجادة والاستقامة وتهوى به إلى السقوط في هوة الاهانة والهلاك.
فلذا كان الزواج -الى جانب انه متعة مشروعة - أمرا أساسيا وحاجة أصلية من حاجات الانسان في الحياة يصعب عليه التخلي إلا لشوق غلاب محرق أو تعلق شديد بعزيز غال على النفس جدا ،يفوق تعلقها بالزواج ويزيد عليه تملكا للقلب واستيلاءا على الخاطر ، مثل طلب العلم في بعض العلماء ، والقيام بالجهاد عند بعض المجاهدين ، وتحصيل عُلْيا الرغائب لدى ذوي النفوس الطمّاحة الشمّاء .
شدة الانقطاع عن الزواج :
ومن السهل ادراك أن التبتل والانقطاع عن الزواج هو شِدّة من أكبر الشدائد في حياة الانسان العالم ، حيث يفقد فيها الأنس الروحي ، والسكون النفسي ، ويتحمل معها مشاق العزوبة في شؤون اعداد الطعام والشراب ، والنظافة وخدمة البيت والمسكن،ويحرم بسببها من رعاية المرأة وحنانها خاصة عند نزول الأمراض والأوجاع ، مع تزايد تلك المشاق وقت الشيخوخة وضعف البنيان.
نصيحة بعض أهل العلم :
وقد تحدث الامام ابن الجوزي في كتابه ( صيد الخاطر ) عما يحتاج اليه المتعلم لتحصيل العلم وعن أفضل وسائل الحفظ وعن افضل الأوقات والأماكن والأحوال ثم قال :" واختار للمبتدئ في طلب العلم ان يدافع النكاح مهما امكن ، فان أحمد بن حنبل لم يتزوج حتى تمت له أربعون سنة ، وهذا لأجل جمع الهمْ – أي العلم " .
وقال الحافظ الخطيب البغدادي في كتابه ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ) :
" ويستحب للطالب أن يكون عزباً إن ما أمكنه ، لئلا يقطعه الاشتغال بحقوق الزوجية وطلب المعيشة عن إكمال الطلب .
وقال الامام بِشْرُ الحَافي كلمته المشهورة في هذا المعنى :
" ضاع العلم في أفخاذ النساء " .
من العلماء الذين آثروا العلم على الزواج :
1- عبد الله بن أبي نجيح المكي :
أحد علماء تابعي التابعين وهو الامام الثقة المفسر ، مفتي أهل مكة ، وكان أبوه مولى الأخنس بن شُريْق الصحابي ، توفى عام 131 هجرية .2- يونس بن حبيب البصري :
الأديب النحوي روى عنه سيبويه كثيرا ، وسمع منه الكسائي والفراء ، كان له حلقة بالبصرة ينتابها الأدباء وفصحاء العرب.
له من الكتب : كتاب معاني القرآن ، وكتاب الأمثال ، وكتاب النوادر الصغير والكبير .توفى عام 182 هجرية .
الأديب النحوي روى عنه سيبويه كثيرا ، وسمع منه الكسائي والفراء ، كان له حلقة بالبصرة ينتابها الأدباء وفصحاء العرب. له من الكتب : كتاب معاني القرآن ، وكتاب الأمثال ، وكتاب النوادر الصغير والكبير .توفى عام 182 هجرية .
3- حسين بن علي الجُعْفي :
شيخ الاسلام الحافظ الثقة الكوفي المقرئ الزاهد القدوة .قرأ على حمزة الزيات وسمع الأعمش وسفيان ،وروى عنه أحمد واسحاق ،توفى عام 203 هجرية .قال ابراهيم بن الشماس : " لو تمنيت ، كنت أتمنى عقل ابن مبارك وورعه ، وصبر حسين الجعفي ، صبر ولم يتزوج ولم يدخل في شيء من أمر الدنيا ".- تاريخ بغداد للخطيب- .
4- بشر بن الحارث المروزي المشهور باسم " بشر الحافي " :
الامام المحدث الفقيه العابد الزاهد ، أخذ الحديث عن شيوخه ابن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي ومالك بن انس والفضيل بن عياض وغيرهم ،وروى عنه احمد بن حنبل وزهير بن حرب .
ثم اعتزل الناس واشتغل بالعبادة وصار عَلَماً من اعلام الزهد والورع ، توفى 227 هجرية .
وهو من كبار عقلاء الأمة وعلمائها وليس كما يظن الكثير أنه من أحد الدراويش الصوفيين .
5- هنّاد بن السّريّ :
الحافظ القدوة الزاهد شيخ الكوفة، روى عنه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي .توفى عام 243 هـ وعمره 91 سنة .6- الامام محمد بن جرير الطبري :
الامام الحُجّة المفسر الحافظ المؤرخ اللغوي، قال الخطيب في تاريخ بغداد : كان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع الى رأيه لمعرفته وفضله .من اهم كتبه : "جامع البيان عن وجوه تأويل آي القرآن " و" تاريخ الرسل والأنبياء والملوك والأمم " و" تهذيب الآثار" .
توفى 310 هـ
7- أبو بكر بن الأنباري :
النحوي الأديب المفسر البغدادي ، كان أحفظ الناس للغة والنحو والشعر وتفسير القرآن .توفى سنة 329 هـ
8- أبو علي الفارسي :
الحسن بن أحمد ، من بلاد فارس، امام ائمة العربية في عصره ،
ومن تلاميذه الامام ابن جِنّي ، توفى 377 هـ .
9- أبو نصر السجزي :
عبيد الله بن سعيد بن حاتم ، الحافظ الامام عَلَم السُّنّة ، حدث عن أبي عبد الله الحاكم صاحب "الابانة الكبرى" في مسألة القرآن توفى سنة 444 هـ ..
10- أبو سعد السمان :
الحافظ الفقيه الزاهد أحد المحدثين النسّابين والقراء المفسرين ، شيخ المعتزلة .توفى 445 هـ
11- الامام الزمخشري :
أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد ، كان اماما في التفسير واللغة والنحو والأدب وكان معتزلي المذهب ، صاحب الكشاف " الكشف عن حقائق غوامض التنزيل"، وأساس البلاغة، والمفصل. سافر الى مكة وجاور بها زمانا فصار يقال له: جار الله ، توفى سنة 385 هـ12- ابن المنّيّ :
ناصح الدين الحنبلي، نصر بن فتيان بن مطر، أحد الاعلام وفقيه العراق . من تلاميذته موفق الدين بن قدامة المقدسي ، توفى سنة 385 هـ .
13- الامام محي الدين النووي:
يحي بن شرف ، الامام الحافظ الشافعي ، له التصانيف المباركة مثل "شرح صحيح مسلم " و"رياض الصالحين " و"الأذكار" و"الأربعين " و"المجموع" .توفى 676 هـ .14- الامام أحمد بن عبد الحليم المشهور ب ابن تيمية
العلامة شيخ الاسلام الفقيه الأصولي المجتهد الشهيد المتوفى عام 728 هـوهو أشهر من أن يُعَرّف ، من تلاميذته ابن القيم وابن كثير والذهبي . حُبِس لأجل اجتهاده وفِكْره في قلعة دمشق أكثر من سنتين ومات بها .
خاتمة :
أقول : جزى الله أولئك النفر من العلماء خيراً ، وعوضهم الله عن حياة العزوبية في الدنيا ورزقهم الله الزوجات في دار القرار ، وفي الحديث الصحيح ( وما في الجنة أعزب ) .اقرأ الكتاب كاملا :