الحجّ بمال مقترض بفائدة

 

الحجاج .

الاقتراض والمال الحرام للحج :

فرض الحج :

قال تعالى في سورة آل عمران (وَلِلَّهِ عَلى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا )


تفسير القرطبي في الاستطاعة :

قال : وممن قال إن الزاد والراحلة شرط في وجوب الحج: عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعبد الله بن عباس والحسن البصري وسعيد بن جبير وعطاء ومجاهد.
وإليه ذهب الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد
قال الشافعي: الاستطاعة وجهان: أحدهما: أن يكون مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج.
والثاني: أن يكون معضوبا في بدنه لا يثبت على مركبه وهو قادر على من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه بأجرة وبغير أجرة، على ما يأتي بيانه.
أما المستطيع ببدنه فإنه يلزمه فرض الحج بالكتاب بقوله عز وجل:" من استطاع إليه سبيلا".
وأما المستطيع بالمال فقد لزمه فرض الحج بالسنة بحديث الخثعمية. وأما المستطيع بنفسه وهو القوي الذي لا تلحقه مشقة غير محتملة في الركوب على الراحلة، فإن هذا إذا ملك الزاد والراحلة لزمه فرض الحج بنفسه،
وإن عدم الزاد والراحلة أو أحدهما سقط عنه فرض الحج .
روى الحاكم من حديث قتادة عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله عز وجل من استطاع إليه سبيلا فقيل: ما السبيل؟
قال «الزاد والراحلة» ،
ثم قال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

تفسير ابن قدامة للاستطاعة في الحج :

قال في المغني : ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة، فوجب الرجوع إلى تفسيره، فروى الدارقطني، بإسناده عن جابر، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وعائشة - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " سئل ما السبيل؟
قال: الزاد والراحلة. " .
وروى ابن عمر قال:  " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما يوجب الحج؟
قال: الزاد والراحلة. "  
رواه الترمذي. وقال: حديث حسن،
وروى الإمام أحمد، حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، قال: لما نزلت هذه الآية: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] «قال رجل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة»

وقال فخر الدين في تفسير الاستطاعة للحج :

واعلم أن كل من كان صحيح البدن قادرا على المشي إذا لم يجد ما يركب فإن يصدق عليه أنه يستطيع لذلك الفعل،
فتخصيص هذه الاستطاعة "بالزاد والراحلة" ترك لظاهر اللفظ فلا بد فيه من دليل منفصل،
ولا يمكن التعويل في ذلك على الأخبار المروية في هذا الباب لأنها أخبار آحاد فلا يترك لأجلها ظاهر الكتاب لا سيما وقد طعن محمد بن جرير الطبري في رواة تلك الأخبار، وطعن فيها من وجه آخر، وهو أن حصول الزاد والراحلة لا يكفي في حصول الاستطاعة،
فإنه يعتبر في حصول الاستطاعة : - صحة البدن،
- وعدم الخوف في الطريق،
( قلت . ويؤيده قوله تعالى " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ" ، اذن فالاستطاعة لا تقتصر على الزاد والراحلة فقط ، فكل مانع أو حابس منع المسلم من أداء الحج فهو الاحصار الذي ذكرته الآية )
وقال الرازي : وظاهر هذه الأخبار يقتضي أن لا يكون شيء من ذلك معتبرا، فصارت هذه الأخبار مطعونا فيها من هذا الوجه بل يجب أن يعول في ذلك على ظاهر قوله تعالى: ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج: 78] 
وقوله ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )[البقرة: 185]
واستطاعة السبيل إلى الشيء عبارة عن إمكان الوصول، قال تعالى: فهل إلى خروج من سبيل[غافر: 11] 
وقال: هل إلى مرد من سبيل [الشورى: 44] وقال: ما على المحسنين من سبيل [التوبة: 91] ،
فيعتبر في حصول هذا الإمكان صحة البدن، وزوال خوف التلف من السبع أو العدو، وفقدان الطعام والشراب والقدرة على المال الذي يشترى به الزاد والراحلة ، وأن يقضي جميع الديون ويرد جميع الودائع،
وإن وجب عليه الإنفاق على أحد لم يجب عليه الحج إلا إذا ترك من المال ما يكفيهم في المجيء والذهاب وتفاصيل هذا الباب مذكور في كتب الفقهاء والله أعلم.

الرد على من استقرض مالا للحج :

قلت :
لماذا يتكلف بعض الناس ويحملون انفسهم ما قد رفعه الله عليهم ، فيستقرضون المال للحج ؟
قال الله تعالى في الطلاق (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )

الاقتراض للحج:

قال صاحب فقه السّنّة : عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج، أو يستقرض للحج؟
 قال: " لا "، 
رواه البيهقي.

الحج بمال حرام : 

 يجزئ الحج وإن كان المال حراما ويأثم عند الاكثر من العلماء.

وقال الامام أحمد: لايجزئ، وهو الاصح لما جاء في الحديث الصحيح: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ".
وروى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة  ، ووضع رجله في الغرز،
 فنادى: لبيك اللهم،
 ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك  زادك حلال، وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور،
 وإذاخرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لالبيك ولاسعد يك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور.
قلت: قول أحمد وصاحب فقه السنة هو المختار قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) سورة البقرة ،
والنفقة أساس عبادة الحج ، فكيف تسقط فريضة الحج بنفقة حرام  ؟

سؤال : عما إذا كان يجوز للموظف أن يحج من المال الذى يقترض من البنك بضمان المرتب بفوائد 3 % فى المائة ويسدد على أقساط أم لا يجوز، وإن جاز شرعا فهل يعتبر هذا المال حلالا والحج منه مقبولا ويثاب عليه أم يسقط الفريضة فقط باعتبار الفائدة الربوية فى المال المذكور

الجواب من المفتي / أحمد هريدى .

9 جمادى الآخر 1382 هجرية - 6 نوفمبر 1962 م
قال : المقرر شرعا أن الحج فرض على كل مسلم حر بالغ عاقل صحيح إذا قدر على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن ومالا بد له منه وعن نفقة عياله إلى حين عودته،
وأنه يكره الحج لمديون إن لم يكن له مال يقضى به إلا أن يأذن الغريم له،
ويشترط أن تكون النفقة من حلال فلا يقبل الحج بالنفقة الحرام مع أنه يسقط الفرض معها وإن كانت مغصوبة،
ولا تنافى بين سقوط فريضة الحج وعدم قبوله،
فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب فى الآخرة عقاب تارك الحج.
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
....

تعليقات