تأملات : إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

ربي على صراط مستقيم  



ربّ الكون عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

كثير من الناس مؤمن وكافر، متدين وغير متدين، غافلون عن أمر عظيم ونبأ جليل وركن قويم في الكون و العقيدة،
وهو أن الله ربنا على صراط مستقيم ، وهي عجز الآية 56 سورة هود ( إنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) /

معنى " إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ":

يقول تعالى: إن ربي على طريق الحق، يجازي المحسن من خلقه بإحسانه، والمسيء بإساءته، لا يظلم أحدًا منهم شيئًا ،
ولا يقبل منهم إلا الإسلام والإيمان به، قاله الطبري .
وقال ابن عطية : يريد أن أفعال الله عز وجل هي في غاية الإحكام، وقوله الصدق، ووعده الحق،
فجاءت الاستقامة في كل ما ينضاف إليه عز وجل .

العلم الواجب بأن ربنا على صراط مستقيم :

من حسن الظن بالله ، أن تعلم يقينا أن ربك على صراط مستقيم ،  وأنه لا يحب الظلم أو الكذب أو الخبث أو المكر أو الشح والبخل ، وأنه لا يقبل الا العمل الطيب والعبادة الخالصة لوجهه، وأنه لا يحب الجهر بالسوء من القول ، وأنه ناصرك على من ظلمك ،
وأنه يجازي الصابرين في الدنيا والآخرة ،
وأنه يفي بوعوده ،و أن بعد العسر يسرا ، وأنه لايخذل أحدا توكل عليه ، وأنه منتقم جبار من كل الطغاة المتكبرين في الأرض.
وأن الله قيوم ، يقوم بما كتب على نفسه أن تقوم السماء والأرض بقوته ورعايته وحفظه وعدله .
قال تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) ابراهيم

الواجب أن تكون على صراط مستقيم :

ومادام السّيد الرب على صراط مستقيم في الخصال والعمل ، فكان فرضا على العبيد أن يكونوا كذلك ، في صفاتهم وأخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم ،
فيقومون بما كلفوا من أعمال ، ككسب الرزق ، ورعاية الأهل والأبناء والوالدين الشيوخ ،
والجهاد في سبيل الله والدعوة الى توحيده ودينه وشريعته ،
وأن يقوموا لله بالقسط شهداء بالحق، لا يجاملون حاكما أو محكوما أو الوالدين والأقربين ..

المحاباة والتمييز :

ربنا حين يفضل بعض خلقه على بعض ، في جميع أنواع الهبات والاختيارات:
من نُبوة أو مُلْك أو جنس أو لون وعرق ،
أو فروض أحكام من مواريث ، وزواج وطلاق ، وقوامة،
جميع ذلك ليس من باب التمييز والمحاباة انما هو من باب البلاء والتكليف ،
فإن أساء نبي مثلا جوزي بما أساء ، يقول تعالى لرسوله (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) الحاقة ،
وقال له (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) القلم
وقال عن النبي سليمان (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) النمل 40 .
ويقول للقضاة في الأرض (يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) ص .
ومن أساء من مسلم ويهودي ونصراني جوزي بفعله،قال تعالى (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) النساء 123 .
وقال تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) .
فالله لايحابي مَلَك ولانبي ولا أمير ولا سيد ولا مؤمن ولا ذكر ، فسبحان رب العرش ،
فاحذره ولاتحزن .





تعليقات