معارك الفرس |
قصة الروم وفضائلهم
الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
من عجائب القرآن واعجازه ذكره للروم وتسمية سورة باسمهم ، وذكر هزيمتهم ثم نصرهم على الفرس في بضع سنين ،ولا عجب من ذكر فضائلهم في الحديث النبوي وأنهم باقون حتى قيام الساعة وعلى ديانتهم، وفي المقابل انقرض الفرس وذابت ذريتهم في ثقافة الاسلام .
اعجاز آية الروم ولماذا فرح الصحابة بنصرهم ؟
قال الرازي : وَجْهُ تَعَلُّقِ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَا قَبْلَهَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ سَبَبُ النُّزُولِ، فَنَقُولُ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي السُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ "وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الْعَنْكَبُوتِ: 46] وَكَانَ يُجَادِلُ الْمُشْرِكِينَ بِنِسْبَتِهِمْ إِلَى عَدَمِ الْعَقْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [الْبَقَرَةِ: 171]،وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُوَافِقُونَ النَّبِيَّ فِي الْإِلَهِ كَمَا قَالَ: "وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ [الْعَنْكَبُوتِ: 46] وَكَانُوا يُؤْمِنُونَ بِكَثِيرٍ مِمَّا يَقُولُهُ بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِهِ كَمَا قَالَ: "فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [الْعَنْكَبُوتِ: 47] أَيْ أَبْغَضَ الْمُشْرِكُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَتَرَكُوا مُرَاجَعَتَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يُرَاجِعُونَهُمْ فِي الْأُمُورِ،
فَلَمَّا وَقَعَتِ الْكَرَّةُ عَلَيْهِمْ حِينَ قَاتَلَهُمُ الْفُرْسُ الْمَجُوسُ فَرِحَ الْمُشْرِكُونَ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ لِبَيَانِ أَنَّ الْغَلَبَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، بَلِ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ يُرِيدُ مَزِيدَ ثَوَابٍ فِي الْمُحِبِّ فَيَبْتَلِيهِ وَيُسَلِّطُ عَلَيْهِ الْأَعَادِيَ، وَقَدْ يَخْتَارُ تَعْجِيلَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ قَبْلَ يَوْمِ الْمِيعَادِ لِلْمُعَادِي.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ )أَيْ أَرْضِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلتَّعْرِيفِ وَالْمَعْهُودُ عِنْدَهُمْ أَرْضُهُمْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) يقول: والروم من بعد غلبة فارس إياهم (سَيَغْلِبُونَ) فارس.
قيل :أَيَّةُ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: (سَيَغْلِبُونَ) بَعْدَ قَوْلِهِ: (غُلِبَتِ الرُّومُ ) لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْغَلَبَةِ ؟
قال الرازي : الْفَائِدَةُ فِيهِ إِظْهَارُ الْقُدْرَةِ وَبَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ لِأَنَّ مَنْ غَلَبَ بَعْدَ غَلَبِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا ضَعِيفًا، فَلَوْ كَانَ غَلَبَتُهُمْ لِشَوْكَتِهِمْ لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَغْلِبُوا قَبْلَ غلبهم فإذا غَلَبُوا بعد ما غُلِبُوا، دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَذَكَرَ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ لِيَتَفَكَّرُوا فِي ضَعْفِهِمْ وَيَتَذَكَّرُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِزَحْفِهِمْ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى،
وَقَوْلُهُ (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) لِبَيَانِ شِدَّةِ ضَعْفِهِمْ، أَيِ انْتَهَى ضَعْفُهُمْ إِلَى أَنْ وَصَلَ عَدُوُّهُمْ إِلَى طَرِيقِ الْحِجَازِ وَكَسَرُوهُمْ وَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ ثُمَّ غَلَبُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الْمَدَائِنِ وَبَنَوْا هُنَاكَ الرُّومِيَّةَ لِبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الْغَلَبَةَ الْعَظِيمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّعْفِ الْعَظِيمِ بِإِذْنِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ )أَيْ أَرْضِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلتَّعْرِيفِ وَالْمَعْهُودُ عِنْدَهُمْ أَرْضُهُمْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) يقول: والروم من بعد غلبة فارس إياهم (سَيَغْلِبُونَ) فارس.
قيل :أَيَّةُ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: (سَيَغْلِبُونَ) بَعْدَ قَوْلِهِ: (غُلِبَتِ الرُّومُ ) لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْغَلَبَةِ ؟
قال الرازي : الْفَائِدَةُ فِيهِ إِظْهَارُ الْقُدْرَةِ وَبَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ لِأَنَّ مَنْ غَلَبَ بَعْدَ غَلَبِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا ضَعِيفًا، فَلَوْ كَانَ غَلَبَتُهُمْ لِشَوْكَتِهِمْ لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَغْلِبُوا قَبْلَ غلبهم فإذا غَلَبُوا بعد ما غُلِبُوا، دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَذَكَرَ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ لِيَتَفَكَّرُوا فِي ضَعْفِهِمْ وَيَتَذَكَّرُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِزَحْفِهِمْ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى،
وَقَوْلُهُ (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) لِبَيَانِ شِدَّةِ ضَعْفِهِمْ، أَيِ انْتَهَى ضَعْفُهُمْ إِلَى أَنْ وَصَلَ عَدُوُّهُمْ إِلَى طَرِيقِ الْحِجَازِ وَكَسَرُوهُمْ وَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ ثُمَّ غَلَبُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الْمَدَائِنِ وَبَنَوْا هُنَاكَ الرُّومِيَّةَ لِبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الْغَلَبَةَ الْعَظِيمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّعْفِ الْعَظِيمِ بِإِذْنِ اللَّهِ.
روى الترمذي عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : ( لَمَّا نَزَلَتْ" الم. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ" ، فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم، لأنهم وإياهم أهل كتاب، وفي ذلك قوله الله: ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم، وكانت قريش تحب ظهور فارس، لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب، ولا إيمان ببعث،
فلما أنزل الله هذه الآية، خرج أبو بكر يصيح في نواحي مكة الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين قال ناس من قريش لأبي بكر: فذاك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى، ودلك قبل تحريم الرهان.
فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسم بيننا وبينك وسطا ننتهي إليه؟ قال: فسموا بينهم ست سنين،
فلما أنزل الله هذه الآية، خرج أبو بكر يصيح في نواحي مكة الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين قال ناس من قريش لأبي بكر: فذاك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى، ودلك قبل تحريم الرهان.
فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسم بيننا وبينك وسطا ننتهي إليه؟ قال: فسموا بينهم ست سنين،
قال: فمضت ست السنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس: فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين، قال: لأن الله قال في بضع سنين، قال: فأسلم عند ذلك ناس كثير ).
هكذا ساقه الترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) أَخْبَرَ تَعَالَى بِانْفِرَادِهِ بِالْقُدْرَةِ وَأَنَّ مَا فِي الْعَالَمِ مِنْ غَلَبَةٍ وَغَيْرِهَا إِنَّمَا هِيَ مِنْهُ وَبِإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَقَالَ( لِلَّهِ الْأَمْرُ)
أي إنفاذ الأحكام.
" مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ" أَيْ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْغَلَبَةِ وَمِنْ بَعْدِهَا. وَقِيلَ: مِنْ قَبْلِ كل شي ومن بعد كل شي.
(يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ )ينصر الله من يشاء من عباده وخلقه .
(وَهُوَ العَزِيزُ) يقول: والله الشديد في انتقامه ونصره، لا يمنعه من ذلك مانع، ولا يحول بينه وبينه حائل، (الرَّحِيمُ) بخلقه
وكان من ملك الشام مع الجزيرة منهم يقال له قيصر، فكان أول من دخل في دين النصارى من الملوك. قسطنطين بن قسطس وأمه مريم الهيلانية الشدقانية من أرض حران، كانت قد تنصرت قبله، فدعته إلى دينها، وكان قبل ذلك فيلسوفا فتابعها، يقال تقية، واجتمعت به النصارى وتناظروا في زمانه مع عبد الله بن أريوس، واختلفوا اختلافا منتشرا متشتتا لا ينضبط، إلا أنه اتفق من جماعتهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا، فوضعوا لقسطنطين العقيدة، وهي التي يسمونها الأمانة الكبيرة، وإنما هي الخيانة الحقيرة، ووضعوا له القوانين يعنون كتب الأحكام من تحريم وتحليل، وغير ذلك مما يحتاجون إليه، وغيروا دين المسيح عليه السلام، وزادوا فيه ونقصوا منه، فصلوا إلى المشرق، واعتاضوا عن السبت بالأحد، وعبدوا الصليب وأحلوا الخنزير، واتخذوا أعيادا أحدثوها كعيد الصليب والقداس والغطاس وغير ذلك من البواعيث والشعانين، وجعلوا له الباب، وهو كبيرهم، ثم البتاركة، ثم المطارنة، ثم الأساقفة والقساقسة، ثم الشمامسة، وابتدعوا الرهبانية، وبنى لهم الملك الكنائس والمعابد، وأسس المدينة المنسوبة إليه وهي القسطنطينية، يقال إنه بنى في أيامه اثني عشر ألف كنيسة، وبنى بيت لحم بثلاث محاريب، وبنت أمه القمامة، وهؤلاء هم الملكية يعنون الذين هم على دين الملك.
ثم حدثت بعدهم اليعقوبية أتباع يعقوب الإسكاف، ثم النسطورية أصحاب نسطورا، وهم فرق وطوائف كثيرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنهم افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة
والغرض أنهم استمروا على النصرانية، كلما هلك قيصر خلفه آخر بعده حتى كان آخرهم هرقل، وكان من عقلاء الرجال، ومن أحزم الملوك وأدهاهم، وأبعدهم غورا، وأقصاهم رأيا، فتملك عليهم في رئاسة عظيمة وأبهة كبيرة، فناوأه كسرى ملك الفرس وملك البلاد كالعراق وخراسان والري وجميع بلاد العجم، وهو سابور ذو الأكتاف، وكانت مملكته أوسع من مملكة قيصر، وله رئاسة العجم، وحماقة الفرس، وكانوا مجوسا يعبدون النار.
فتقدم عن عكرمة أنه: بعث إليه نوابه وجيشه فقاتلوه، والمشهور أن كسرى غزاه بنفسه في بلاده، فقهره وكسره وقصره، حتى لم يبق معه سوى مدينة قسطنطينية، فحاصره بها مدة طويلة، حتى ضاقت عليه، وكانت النصارى تعظمه تعظيما زائدا، ولم يقدر كسرى على فتح البلد، ولا أمكنه ذلك لحصانتها لأن نصفها من ناحية البر، ونصفها الآخر من ناحية البحر، فكانت تأتيهم الميرة والمدد من هنالك، فلما طال الأمر، دبر قيصر مكيدة، ورأى في نفسه خديعة، فطلب من كسرى أن يقلع عن بلاده على مال يصالحه عليه ويشترط عليه ما شاء، فأجابه إلى ذلك، وطلب منه أموالا عظيمة لا يقدر عليها أحد من ملوك الدنيا من ذهب وجواهر وأقمشة وجوار وخدام وأصناف كثيرة، فطاوعه قيصر وأوهمه أن عنده جميع ما طلب، واستقل عقله لما طلب منه ما طلب، ولو اجتمع هو وإياه لعجزت قدرتهما عن جمع عشره، وسأل كسرى أن يمكنه من الخروج إلى بلاد الشام وأقاليم مملكته، ليسعى في تحصيل ذلك من ذخائره وحواصله ودفائنه، فأطلق سراحه.
فلما عزم قيصر على الخروج من مدينة قسطنطينة فجمع أهل ملته وقال: إني خارج في أمر قد أبرمته في جند قد عينته من جيشي، فإن رجعت إليكم قبل الحول، فأنا ملككم، وإن لم أرجع إليكم قبلها، فأنتم بالخيار: إن شئتم استمررتم على بيعتي، وإن شئتم وليتم عليكم غيري، فأجابوه بأنك ملكنا ما دمت حيا، ولو غبت عشرة أعوام، فلما خرج من القسطنطينية خرج جريدة في جيش متوسط هذا، وكسرى مخيم على القسطنطينية ينتظره ليرجع، فركب قيصر من فوره وسار مسرعا حتى انتهى إلى بلاد فارس، فعاث في بلادهم قتلا لرجالها ومن بها من المقاتلة أولا فأولا.
ولم يزل يقتل حتى انتهى إلى المدائن وهي كرسي مملكة كسرى، فقتل من بها وأخذ جميع حواصله وأمواله، وأسر نساءه وحريمه، وحلق رأس ولده وركبه على حماره، وبعث معه من الأساورة من قومه في غاية الهوان والذلة، وكتب إلى كسرى يقول: هذا ما طلبت فخذه، فلما بلغ ذلك كسرى أخذه من الغم ما لا يحصيه إلا الله تعالى، واشتد حنقه على البلد، فاشتد في حصارها بكل ممكن، فلم يقدر على ذلك، فلما عجز ركب ليأخذ عليه الطريق من مخاضة جيحون التي لا سبيل لقيصر إلى القسطنطينية إلا منها، فلما علم قيصر بذلك، احتال بحيلة عظيمة لم يسبق إليها وهو أنه أرصد جنده وحواصله التي معه عند فم المخاضة، وركب في بعض الجيش، وأمر بأحمال من التبن والبعر والروث، فحملت معه، وسار إلى قريب من يوم في الماء مصعدا.
ثم أمر بإلقاء تلك الأحمال في النهر، فلما مرت بكسرى ظن وجنده أنهم قد خاضوا من هنالك، فركبوا في طلبهم فشغرت المخاضة عن الفرس، وقدم قيصر فأمرهم بالنهوض والخوض، فخاضوا وأسرعوا السير، ففاتوا كسرى وجنوده، ودخلوا القسطنطينية، فكان ذلك يوما مشهودا عند النصارى، وبقي كسرى وجيوشه حائرين لا يدرون ماذا يصنعون، لم يحصلوا على بلاد قيصر، وبلادهم قد خربتها الروم، وأخذوا حواصلهم، وسبوا ذراريهم، ونساءهم، فكان هذا من غلب الروم لفارس، وكان ذلك بعد تسع سنين من غلب الفرس للروم، وكانت الوقعة الكائنة بين فارس والروم حين غلبت الروم بين أذرعات وبصرى على ما ذكره ابن عباس وعكرمة وغيرهما، وهي طرف بلاد الشام مما يلي بلاد الحجاز، وقال مجاهد: كان ذلك في الجزيرة، وهي أقرب بلاد الروم من فارس، فالله أعلم.
ثم كان غلب الروم لفارس بعد بضع سنين وهي تسع، فإن البضع في كلام العرب ما بين الثلاث إلى التسع.
↚
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: " لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، قيل له: إنهم لا يقرءون كتابا إلا أن يكون مختوما،
فاتخذ خاتما من فضة، فكأني أنظر إلى بياضه في يده، ونقش فيه محمد رسول الله " .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) أَخْبَرَ تَعَالَى بِانْفِرَادِهِ بِالْقُدْرَةِ وَأَنَّ مَا فِي الْعَالَمِ مِنْ غَلَبَةٍ وَغَيْرِهَا إِنَّمَا هِيَ مِنْهُ وَبِإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَقَالَ( لِلَّهِ الْأَمْرُ)
أي إنفاذ الأحكام.
" مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ" أَيْ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْغَلَبَةِ وَمِنْ بَعْدِهَا. وَقِيلَ: مِنْ قَبْلِ كل شي ومن بعد كل شي.
(يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ )ينصر الله من يشاء من عباده وخلقه .
(وَهُوَ العَزِيزُ) يقول: والله الشديد في انتقامه ونصره، لا يمنعه من ذلك مانع، ولا يحول بينه وبينه حائل، (الرَّحِيمُ) بخلقه
من هم الروم :
قال ابن كثير : وأما الروم فهم من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم، وهم أبناء عم بني إسرائيل، ويقال لهم بنو الأصفر، وكانوا على دين اليونان، واليونان من سلالة يافث بن نوح أبناء عم الترك، وكانوا يعبدون الكواكب السيارة السبعة، ويقال لها المتحيرة، ويصلون إلى القطب الشمالي، وهو الذين أسسوا دمشق، وبنوا معبدها، وفيه محاريب إلى جهة الشمال، فكان الروم على دينهم إلى بعد مبعث المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة.وكان من ملك الشام مع الجزيرة منهم يقال له قيصر، فكان أول من دخل في دين النصارى من الملوك. قسطنطين بن قسطس وأمه مريم الهيلانية الشدقانية من أرض حران، كانت قد تنصرت قبله، فدعته إلى دينها، وكان قبل ذلك فيلسوفا فتابعها، يقال تقية، واجتمعت به النصارى وتناظروا في زمانه مع عبد الله بن أريوس، واختلفوا اختلافا منتشرا متشتتا لا ينضبط، إلا أنه اتفق من جماعتهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا، فوضعوا لقسطنطين العقيدة، وهي التي يسمونها الأمانة الكبيرة، وإنما هي الخيانة الحقيرة، ووضعوا له القوانين يعنون كتب الأحكام من تحريم وتحليل، وغير ذلك مما يحتاجون إليه، وغيروا دين المسيح عليه السلام، وزادوا فيه ونقصوا منه، فصلوا إلى المشرق، واعتاضوا عن السبت بالأحد، وعبدوا الصليب وأحلوا الخنزير، واتخذوا أعيادا أحدثوها كعيد الصليب والقداس والغطاس وغير ذلك من البواعيث والشعانين، وجعلوا له الباب، وهو كبيرهم، ثم البتاركة، ثم المطارنة، ثم الأساقفة والقساقسة، ثم الشمامسة، وابتدعوا الرهبانية، وبنى لهم الملك الكنائس والمعابد، وأسس المدينة المنسوبة إليه وهي القسطنطينية، يقال إنه بنى في أيامه اثني عشر ألف كنيسة، وبنى بيت لحم بثلاث محاريب، وبنت أمه القمامة، وهؤلاء هم الملكية يعنون الذين هم على دين الملك.
ثم حدثت بعدهم اليعقوبية أتباع يعقوب الإسكاف، ثم النسطورية أصحاب نسطورا، وهم فرق وطوائف كثيرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنهم افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة
والغرض أنهم استمروا على النصرانية، كلما هلك قيصر خلفه آخر بعده حتى كان آخرهم هرقل، وكان من عقلاء الرجال، ومن أحزم الملوك وأدهاهم، وأبعدهم غورا، وأقصاهم رأيا، فتملك عليهم في رئاسة عظيمة وأبهة كبيرة، فناوأه كسرى ملك الفرس وملك البلاد كالعراق وخراسان والري وجميع بلاد العجم، وهو سابور ذو الأكتاف، وكانت مملكته أوسع من مملكة قيصر، وله رئاسة العجم، وحماقة الفرس، وكانوا مجوسا يعبدون النار.
فتقدم عن عكرمة أنه: بعث إليه نوابه وجيشه فقاتلوه، والمشهور أن كسرى غزاه بنفسه في بلاده، فقهره وكسره وقصره، حتى لم يبق معه سوى مدينة قسطنطينية، فحاصره بها مدة طويلة، حتى ضاقت عليه، وكانت النصارى تعظمه تعظيما زائدا، ولم يقدر كسرى على فتح البلد، ولا أمكنه ذلك لحصانتها لأن نصفها من ناحية البر، ونصفها الآخر من ناحية البحر، فكانت تأتيهم الميرة والمدد من هنالك، فلما طال الأمر، دبر قيصر مكيدة، ورأى في نفسه خديعة، فطلب من كسرى أن يقلع عن بلاده على مال يصالحه عليه ويشترط عليه ما شاء، فأجابه إلى ذلك، وطلب منه أموالا عظيمة لا يقدر عليها أحد من ملوك الدنيا من ذهب وجواهر وأقمشة وجوار وخدام وأصناف كثيرة، فطاوعه قيصر وأوهمه أن عنده جميع ما طلب، واستقل عقله لما طلب منه ما طلب، ولو اجتمع هو وإياه لعجزت قدرتهما عن جمع عشره، وسأل كسرى أن يمكنه من الخروج إلى بلاد الشام وأقاليم مملكته، ليسعى في تحصيل ذلك من ذخائره وحواصله ودفائنه، فأطلق سراحه.
فلما عزم قيصر على الخروج من مدينة قسطنطينة فجمع أهل ملته وقال: إني خارج في أمر قد أبرمته في جند قد عينته من جيشي، فإن رجعت إليكم قبل الحول، فأنا ملككم، وإن لم أرجع إليكم قبلها، فأنتم بالخيار: إن شئتم استمررتم على بيعتي، وإن شئتم وليتم عليكم غيري، فأجابوه بأنك ملكنا ما دمت حيا، ولو غبت عشرة أعوام، فلما خرج من القسطنطينية خرج جريدة في جيش متوسط هذا، وكسرى مخيم على القسطنطينية ينتظره ليرجع، فركب قيصر من فوره وسار مسرعا حتى انتهى إلى بلاد فارس، فعاث في بلادهم قتلا لرجالها ومن بها من المقاتلة أولا فأولا.
ولم يزل يقتل حتى انتهى إلى المدائن وهي كرسي مملكة كسرى، فقتل من بها وأخذ جميع حواصله وأمواله، وأسر نساءه وحريمه، وحلق رأس ولده وركبه على حماره، وبعث معه من الأساورة من قومه في غاية الهوان والذلة، وكتب إلى كسرى يقول: هذا ما طلبت فخذه، فلما بلغ ذلك كسرى أخذه من الغم ما لا يحصيه إلا الله تعالى، واشتد حنقه على البلد، فاشتد في حصارها بكل ممكن، فلم يقدر على ذلك، فلما عجز ركب ليأخذ عليه الطريق من مخاضة جيحون التي لا سبيل لقيصر إلى القسطنطينية إلا منها، فلما علم قيصر بذلك، احتال بحيلة عظيمة لم يسبق إليها وهو أنه أرصد جنده وحواصله التي معه عند فم المخاضة، وركب في بعض الجيش، وأمر بأحمال من التبن والبعر والروث، فحملت معه، وسار إلى قريب من يوم في الماء مصعدا.
ثم أمر بإلقاء تلك الأحمال في النهر، فلما مرت بكسرى ظن وجنده أنهم قد خاضوا من هنالك، فركبوا في طلبهم فشغرت المخاضة عن الفرس، وقدم قيصر فأمرهم بالنهوض والخوض، فخاضوا وأسرعوا السير، ففاتوا كسرى وجنوده، ودخلوا القسطنطينية، فكان ذلك يوما مشهودا عند النصارى، وبقي كسرى وجيوشه حائرين لا يدرون ماذا يصنعون، لم يحصلوا على بلاد قيصر، وبلادهم قد خربتها الروم، وأخذوا حواصلهم، وسبوا ذراريهم، ونساءهم، فكان هذا من غلب الروم لفارس، وكان ذلك بعد تسع سنين من غلب الفرس للروم، وكانت الوقعة الكائنة بين فارس والروم حين غلبت الروم بين أذرعات وبصرى على ما ذكره ابن عباس وعكرمة وغيرهما، وهي طرف بلاد الشام مما يلي بلاد الحجاز، وقال مجاهد: كان ذلك في الجزيرة، وهي أقرب بلاد الروم من فارس، فالله أعلم.
ثم كان غلب الروم لفارس بعد بضع سنين وهي تسع، فإن البضع في كلام العرب ما بين الثلاث إلى التسع.
↚
رسالة النبي (ص) الى هرقل عظيم الروم :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: " لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، قيل له: إنهم لا يقرءون كتابا إلا أن يكون مختوما،
فاتخذ خاتما من فضة، فكأني أنظر إلى بياضه في يده، ونقش فيه محمد رسول الله " .
وقال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان بن حرب: أنه كان بالشأم في رجال من قريش قدموا تجارا في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، قال أبو سفيان، فوجدنا رسول قيصر ببعض الشأم، فانطلق بي وبأصحابي، حتى قدمنا إيلياء، فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس ملكه، وعليه التاج، وإذا حوله عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي،
قال أبو سفيان: فقلت : أنا أقربهم إليه نسبا، قال: ما قرابة ما بينك وبينه؟ فقلت: هو ابن عمي، وليس في الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري،
فقال قيصر: أدنوه، وأمر بأصحابي، فجعلوا خلف ظهري عند كتفي، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إني سائل هذا الرجل عن الذي يزعم أنه نبي، فإن كذب فكذبوه، قال أبو سفيان: والله لولا الحياء يومئذ، من أن يأثر أصحابي عني الكذب، لكذبته حين سألني عنه، ولكني استحييت أن يأثروا الكذب عني، فصدقته،
ثم قال لترجمانه: قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول أحد منكم قبله؟
قلت: لا، فقال: كنتم تتهمونه على الكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا،
قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم، قال: فيزيدون أو ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن الآن منه في مدة، نحن نخاف أن يغدر، - قال أبو سفيان: ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا أنتقصه به، لا أخاف أن تؤثر عني غيرها -،
قال: فهل قاتلتموه أو قاتلكم؟ قلت: نعم، قال: فكيف كانت حربه وحربكم؟ قلت: كانت دولا وسجالا، يدال علينا المرة، وندال عليه الأخرى،
قال: فماذا يأمركم به؟ قال: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة،
فقال لترجمانه حين قلت ذلك له: قل له: إني سألتك عن نسبه فيكم، فزعمت أنه ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول قبله، فزعمت أن لا، فقلت: لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله، قلت رجل يأتم بقول قد قيل قبله، وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك: هل كان من آبائه من ملك، فزعمت أن لا، فقلت لو كان من آبائه ملك، قلت يطلب ملك آبائه، وسألتك: أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم، فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك: هل يزيدون أو ينقصون، فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فزعمت أن لا، فكذلك الإيمان حين تخلط بشاشته القلوب، لا يسخطه أحد، وسألتك هل يغدر، فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون، وسألتك: هل قاتلتموه وقاتلكم، فزعمت أن قد فعل، وأن حربكم وحربه تكون دولا، ويدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى، وكذلك الرسل تبتلى وتكون لها العاقبة، وسألتك: بماذا يأمركم، فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، قال: وهذه صفة النبي، قد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظن أنه منكم، وإن يك ما قلت حقا، فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ولو أرجو أن أخلص إليه، لتجشمت لقيه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه،
قال أبو سفيان: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرئ، فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت، فعليك إثم الأريسيين و: {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا، فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} "،
قال أبو سفيان: فلما أن قضى مقالته، علت أصوات الذين حوله من عظماء الروم، وكثر لغطهم، فلا أدري ماذا قالوا، وأمر بنا، فأخرجنا، فلما أن خرجت مع أصحابي، وخلوت بهم قلت لهم: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، هذا ملك بني الأصفر يخافه،
قال أبو سفيان: والله ما زلت ذليلا مستيقنا بأن أمره سيظهر، حتى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره (صحيح البخاري)
عام 627 ميلادية :
معركة نينوى التي انتصر فيها الروم البيزنطيين بقيادة الامبراطور هرقل على الفرس الساسانيين بقيادة القائد راهزاد ، كما تنبأ القرآن العزيز بانتصار الروم بعد هزيمتهم من تسع سنوات .
وكانت المعركة فاصلة فى الحرب بين الفرس والروم التى دارت بين عامى 602 و628 الميلاديين،
وكان قائد الفرس فيها راهزاد ، وقائد الروم هو الإمبراطور هرقل نفسه.
قُتل القائد الفارسي بيد الإمبراطور البيزنطي في مبارزة فردية.
أدى الانتصار البيزنطي في وقت لاحق إلى حرب أهلية في بلاد فارس ، ولفترة من الزمن أعاد الإمبراطورية الرومانية (الشرقية) إلى حدودها القديمة في الشرق الأوسط.
أدت الحرب الأهلية الساسانية إلى إضعاف الإمبراطورية الساسانية بشكل كبير ، مما ساهم في الفتح الإسلامي لبلاد فارس.
سبحان الله، عمرو بن العاص يعدد خصال ومميزات الروم الذين حاربهم وهزمهم واستلب منهم أعز بلادهم فى مصر والشام.. إنه الإنصاف للآخرين.. إنه العدل مع الخصوم.. إنه إعطاء كل ذى حق حقه.. الصحابى الشجاع ابن العاص يصف خصومه بالآتى: أولا «إنهم لأحلم الناس عند فتنة».. فلا تذهب عقولهم، ولا يطيش فكرهم، أو يفقدون اتزانهم عند الفتن والملمات والأحداث الجسام والحروب أو النكبات، ثانيا «وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة».. فيخرجون من الحروب الكبرى المدمرة وقد استعادوا مكانتهم الحضارية، وأعادوا أبناء دولهم، وصححوا أخطاءهم، واستفادوا من دروس محنهم. ثالثا «وأرحمهم لمسكين ويتيم وضعيف».. والحقيقة أن بلاد الغرب لا تكاد تجد فيها جائعًا أو فقيرًا أو يتيمًا دون رعاية، فى الوقت الذى تجد بلاد المسلمين الغنية بالموارد تعج بمن لا يجد طعاما ولا حياة كريمة رغم عظمة الإسلام فى تعاليمه الاجتماعية، فهناك حقًا إسلام بلا مسلمين، وعندنا مسلمون ناقصو الإسلام. رابعا «وأوشكهم كرة بعد فرة».. فهم سرعان ما يستعيدون قوتهم، ويكرون على عدوهم مرة أخرى بعد الهزيمة. خامسا، يصفهم بقوله «وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك».. آه يا عمرو، وكأنك تقرأ واقع الغرب، حيث لا يظلم الحاكم رعيته، ويعتبر نفسه خادماً لهم، وما أعظم كلمتك وأنت تختم صفاتهم بقولك: «وخامسة حسنة جميلة»، وكأن هذه الصفة هى أعظم ما لديهم وأجملها، وهى التى تأتى بالأخرى وتحفظها، فالعدل أساس الملك.. أما أمة العرب التى أنزل عليها القرآن، وتقرؤه صباح مساء حكامًا ومحكومين، فتعيش فى ظلم وبغى الحكام عصرا وراء عصر، وتنتقل من ظلم إلى آخر، ومن بغى إلى بغى.. آه يا ابن العاص.. تعال الآن مرة أخرى إلى مصر لتعلم شعبها المنكوب الإنصاف من النفس وللغير، وللآخر، والخصوم (نقلا من موقع جريدة اليوم السابع-مصر)
معركة نينوي ونصر الروم 👈
↚معركة نينوي ونصر الروم :
جندي روماني |
معركة نينوى التي انتصر فيها الروم البيزنطيين بقيادة الامبراطور هرقل على الفرس الساسانيين بقيادة القائد راهزاد ، كما تنبأ القرآن العزيز بانتصار الروم بعد هزيمتهم من تسع سنوات .
وكانت المعركة فاصلة فى الحرب بين الفرس والروم التى دارت بين عامى 602 و628 الميلاديين،
وكان قائد الفرس فيها راهزاد ، وقائد الروم هو الإمبراطور هرقل نفسه.
قُتل القائد الفارسي بيد الإمبراطور البيزنطي في مبارزة فردية.
أدى الانتصار البيزنطي في وقت لاحق إلى حرب أهلية في بلاد فارس ، ولفترة من الزمن أعاد الإمبراطورية الرومانية (الشرقية) إلى حدودها القديمة في الشرق الأوسط.
أدت الحرب الأهلية الساسانية إلى إضعاف الإمبراطورية الساسانية بشكل كبير ، مما ساهم في الفتح الإسلامي لبلاد فارس.
فضائل الروم :
صحيح مسلم - باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس
روي عن المستورد القرشي، عند عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:
" تقوم الساعة والروم أكثر الناس " .
فقال له عمرو: أبصر ما تقول،
قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك .انتهى
تعليق ناجح ابراهيم على حديث الروم :
قال الأستاذ ناجح ابراهيم : رسول الإسلام يقرّ أن الروم سيكونون أكثر الناس عددا ومنعة وقوة عند قيام الساعة، وأظنه يقصد بذلك العالم الغربى المسيحى، وحينما سمع عمرو بن العاص هذا الحديث عجب، حتى تأكد من صدقه، وبعدها أخذ يعدد الأسباب التى جعلتهم أقوى الأمم وأكثرها شكيمة وبأسا وعلما وتقدما، لأن عمرو بن العاص كان أكثر الصحابة التصاقا بالروم، وذهابا إلى بلادهم، وتفاعلا معهم، فقد جاب الرجل كل بلاد الأرض تقريبا تاجرا وقائدا عسكريا مرموقا.. لقد كان ابن العاص عارفًا بأخلاق الروم، ونفسياتهم وخصالهم، وانطلق من ذلك إلى تفسير وتحليل حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكأنه مركز دراسات إستراتيجية.سبحان الله، عمرو بن العاص يعدد خصال ومميزات الروم الذين حاربهم وهزمهم واستلب منهم أعز بلادهم فى مصر والشام.. إنه الإنصاف للآخرين.. إنه العدل مع الخصوم.. إنه إعطاء كل ذى حق حقه.. الصحابى الشجاع ابن العاص يصف خصومه بالآتى: أولا «إنهم لأحلم الناس عند فتنة».. فلا تذهب عقولهم، ولا يطيش فكرهم، أو يفقدون اتزانهم عند الفتن والملمات والأحداث الجسام والحروب أو النكبات، ثانيا «وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة».. فيخرجون من الحروب الكبرى المدمرة وقد استعادوا مكانتهم الحضارية، وأعادوا أبناء دولهم، وصححوا أخطاءهم، واستفادوا من دروس محنهم. ثالثا «وأرحمهم لمسكين ويتيم وضعيف».. والحقيقة أن بلاد الغرب لا تكاد تجد فيها جائعًا أو فقيرًا أو يتيمًا دون رعاية، فى الوقت الذى تجد بلاد المسلمين الغنية بالموارد تعج بمن لا يجد طعاما ولا حياة كريمة رغم عظمة الإسلام فى تعاليمه الاجتماعية، فهناك حقًا إسلام بلا مسلمين، وعندنا مسلمون ناقصو الإسلام. رابعا «وأوشكهم كرة بعد فرة».. فهم سرعان ما يستعيدون قوتهم، ويكرون على عدوهم مرة أخرى بعد الهزيمة. خامسا، يصفهم بقوله «وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك».. آه يا عمرو، وكأنك تقرأ واقع الغرب، حيث لا يظلم الحاكم رعيته، ويعتبر نفسه خادماً لهم، وما أعظم كلمتك وأنت تختم صفاتهم بقولك: «وخامسة حسنة جميلة»، وكأن هذه الصفة هى أعظم ما لديهم وأجملها، وهى التى تأتى بالأخرى وتحفظها، فالعدل أساس الملك.. أما أمة العرب التى أنزل عليها القرآن، وتقرؤه صباح مساء حكامًا ومحكومين، فتعيش فى ظلم وبغى الحكام عصرا وراء عصر، وتنتقل من ظلم إلى آخر، ومن بغى إلى بغى.. آه يا ابن العاص.. تعال الآن مرة أخرى إلى مصر لتعلم شعبها المنكوب الإنصاف من النفس وللغير، وللآخر، والخصوم (نقلا من موقع جريدة اليوم السابع-مصر)